واشنطن ــ وكالات
واصلت طهران تحديها واستفزازها للعالم بالمضي قدماً في سياستها الرعناء التي ستقود المنطقة بحسب المراقبون الى حرب محتملة، ومن ذلك المعلومات التي كشفت عنها وسائل اعلام أمريكية بشأن الهجوم على ناقلتي نفط في خليج عمان.
يأتي هذا في وقت يضيق فيه الخناق على نظام ولاية الفقيه بسبب تدخلاته في شؤون دول الإقليم ودعمه للمليشيات الإرهابية التي تنشر العنف والفوضى وتهدد سلامة وأمن الدول وكذلك الملاحة الدولية.
وكانت شبكة “سي ان ان ” الامريكية نقلت عن مسؤول لم تسميه أن زوارق إيرانية أطلقت صاروخا باتجاه طائرة بدون طيار أمريكية قبل ساعات من الهجوم على ناقتلي النفط.
ولفت المسؤول الى ان الطائرة الامريكية رصدت زوارق إيرانية تقترب من إحدى الناقلتين في خليج عمان قبل الهجوم عليهما.
وأضاف أن الصواريخ الإيرانية لم تصب الطائرة بدون طيار من طراز “إم.كيو-9”
وتعرضت ناقلتان، الخميس الماضي لهجوم في خليج عمان، الأولى ترفع علم جزر مارشال واسمها “فرنت ألتير”، والأخرى اسمها “كوكوكا كاريدجس” وترفع علم بنما.
وتأتي الهجمات التي وقعت على بعد نحو 45 كم (25 ميلاً) قبالة الساحل الإيراني، في الوقت الذي تحذر فيه واشنطن طهران من أية أعمال عدائية تهدد الملاحة الدولية.
كما تأتي الحادثة الجديدة الثانية ضد ناقلات نفط في غضون شهر في المنطقة الاستراتيجية، وسط تصاعد مستمر للتوتر بين طهران وواشنطن، التي وجهت أصابع الاتهام لإيران بعد تعرض 4 سفن بينها ثلاث ناقلات نفط لعمليات “تخريبية” بالقرب من المياه الإقليمية لدولة الإمارات في 12 مايو الماضي.
تصعيد جديد
فى سياق التصعيد الذي تشهده المنطقة جراء التصرفات الإيرانية أعلن الجيش العراقي، سقوط ثلاث قذائف هاون على قاعدة جوية تقع شمال العاصمة بغداد، وتستضيف مدربين أميركيين.وقال الجيش العراقي في بيان أن الهجوم تسبب في حريق صغير، لكن لم تقع إصابات.
وكان صاروخ أطلق على بعد أقل من ميل من السفارة الأميركية، في المنطقة الخضراء شديدة التحصين في بغداد، انفجر الشهر الماضي، قبل أن يسقط صاروخ آخر مساء الجمعة في مبنى سكني مقابل السفارة الأميركية في بغداد.
إهانة شخصية لترامب
هذا فيما توقعت مجلة فورين بوليسي الأمريكية أن تبرز دعوات في الإدارة الأمريكية قريبًا للقيام بعمل عسكري محدود ضد إيران ردًّا على احتمالات تنفيذها التفجيرات ضد ناقلتي نفط في خليج عمان.
ورأت المجلة في تقرير بأن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لا يزال يميل إلى التفاوض مع إيران لكنها أضافت بأن الهجوم على الناقلتين يشكل إهانة شخصية له وقد يؤيد ضربة محدودة ضد إيران.
وأشارت المجلة في تقريرها إلى أنه قد تكون هناك تبريرات بضرب إيران على أساس أنها لن ترد على ضربة سريعة ومحدودة معربة عن رأيها بأن هذه التبريرات خاطئة وأن طهران سترد حتما بضرب القوات الأمريكية في المنطقة.
تحول جذري
كما اعتبرت المجلة أن حادث الناقلتين هو تحول جذري في استراتيجية إيران تجاه العقوبات الأمريكية ويرجح أن يكون هناك تعليمات من قبل المرشد علي خامنئي لأتباعه بأن ينتهجوا سبلًا حربية وأكثر عدائية تجاه واشنطن.
ورأى التقرير أنه كانت هناك فرصة لرئيس الوزراء الياباني الذي زار طهران بأن يفتح حوارًا بين إيران والإدارة الأمريكية.
وقال: إلا أن حادث الناقلتين أحرق الجسور كلها وهو يعتبر إهانة شخصية لترامب… والحقيقة أن هناك دلائل كافية تشير إلى أن ترامب لا يريد حربًا طويلة في المنطقة لكن من المؤكد أن ترامب يمكن استفزازه من خلال إحراجه علنا.
وأضاف التقرير: كان لافتًا أن أول رد فعل من وزير الخارجية الأمريكية مايك بومبيو تجاه حادث الناقلتين هو الرد الدبلوماسي، لكن مما لا شك فيه هو أنه سيكون هناك أصوات في الأيام القليلة القادمة تطالب بضربات عسكرية محدودة ضد إيران.
ووفقًا للتقرير فإن تلك الأصوات ستستبعد رد فعل عسكريًا إيرانيًا بدعوى أن الضربات الأمريكية السابقة ضد سوريا لم تلق أي رد.
البنتاجون يبحث نشر قوات إضافية
أكدت تقارير صحفية غربية أن الإدارة الأمريكية وحلفاء غربيين بدأوا مناقشات عاجلة للرد على استهداف إيران ناقلات النفط، تضمنت نشر واشنطن قوات إضافية في الخليج العربي.
وذكرت صحيفة “نيويورك تايمز” الأمريكية أن البيت الأبيض بدأ مناقشة عاجلة، بشأن كيفية الرد على ما قال مسؤولون إنه تحول لحرب خفية مع إيران.
وأوضحت الصحيفة أن المسؤولين في البنتاجون يبحثون أساليب تكتيكية للرد على الهجمات، مثل تعزيز الأمن حول الناقلات، أو اتخاذ خطوات أكثر قوة، مثل نشر قوات إضافية بحرية وجوية تصل لـ6 آلاف جندي في الخليج العربي.
وفي هذا السياق، ذكرت صحيفة “التايمز” البريطانية أن الحلفاء الغربيين يبحثون خططا لإرسال حماية عسكرية ترافق ناقلات النفط في الممرات المائية الحيوية وسط تصاعد التوترات مع إيران.
وأوضحت الصحيفة البريطانية، نقلا عن مسؤولين أوروبيين، أن هذا الإجراء يأتي بسبب الحاجة الضرورية لحماية الناقلات وسفن الشحن داخل أحد أكثر الممرات ازدحاما.
مسار تصادمي
فيما اعتبرت “نيويورك تايمز” أن الحادث يعد أحدث الأدلة على أن الولايات المتحدة وإيران تسيران على مسار تصادمي.
ولفتت إلى أن الإيرانيين يفهمون مدى الضرر الذي يمكن أن يسفر عن الصراع مع الولايات المتحدة، وطالما لوّح المسؤولون في طهران بأنه حال عدم قدرتهم على تصدير النفط والحفاظ على اقتصادهم، فإنهم لن يسمحوا باستمرار تدفق النفط عبر المضيق الاستراتيجي.
وجاء تقرير لصحيفة “وول ستريت جورنال” الأمريكية مطابقا لهذا السياق، إذ أوضحت الصحيفة أن هجمات خليج عمان أدت إلى تشديدات أمنية في مسارات شحن رئيسية.
وتابعت الصحيفة الأمريكية “الحكومات والشركات تكثف جهودها لحماية مسارات الشحن بعد الحادث قرب مضيق هرمز، الممر المائي الذي يمر خلاله أكثر من ثلث النفط الخام المنقول بحرا في العالم”.
وأشارت إلى أن الإدارة الأمريكية قالت إنها تفكر في خيارات تتضمن حماية عسكرية للناقلات المبحرة عبر المنطقة، لكن مسؤولين عسكريين لا يعتقدون أن مرافقة الناقلات عبر مضيق هرمز حل عملي.
ألمانيا تحظر شركة إيرانية :
وفى سياق منفصل اقرت المحكمة الإدارية الإقليمية بمدينة لونبورغ الألمانية حكماً قضائياً سابقاً بحظر شركة طيران ماهان إير الإيرانية في الأجواء الألمانية.
وجاء في حيثيات قرار المحكمة غير القابل للطعن أن أسباب الحظر تتعلق بالسياسة الخارجية والأمنية، وذلك بعد أن اتهمت الخارجية الألمانية ماهان إير بنقل معدات عسكرية ومقاتلين إلى سوريا.
وكان دبلوماسيون قد أكدوا في مارس الماضي أن فرنسا حظرت هبوط وإقلاع الرحلات الجوية التابعة لخطوط ”ماهان” الإيرانية، بسبب نقلها عتادا وعسكريين إلى سوريا ومناطق صراع أخرى بالشرق الأوسط، وذلك بعد ضغوط مكثفة من واشنطن على باريس.
الإمارات تطالب بتأمين الممرات :
دعا وزير الخارجية الإماراتي، عبد الله بن زايد، المجتمع الدولي إلى التعاون لتأمين حماية الملاحة الدولية” لوصول الطاقة.
وشدد خلال مؤتمر صحافي في بلغاريا، على أن “تدفقات النفط يجب أن تكون آمنة عبر الممرات لاستقرار الاقتصاد العالمي”.
وقال إنه “لا توجد أدلة كافية بعد ضد دولة محددة، فيما يتعلق بالاعتداء على الناقلات قبالة ساحل الفجيرة”.
وأكد أن من عيوب الاتفاق النووي، الذي ألغاه الرئيس الأميركي، دونالد ترمب، مع إيران، تجاهل “الصواريخ الباليستية الإيرانية وتدخل طهران في شؤون الدول الأخرى”.
الإيرانيون يتظاهرون :
شهدت عدة مدن إيرانية، مظاهرات واحتجاجات ضد الغلاء وتدهور الأوضاع المعيشية والاقتصادية، واجهتها السلطات بعنف في بعض المناطق.
وبث ناشطون عبر مواقع التواصل، مقاطع من مظاهرة حاشدة في مدينة كازرون، التابعة لمحافظة فارس، جنوب إيران، تظهر قيام عناصر الشرطة بمهاجمة المحتجين وضرب بعضهم بالهراوات وسط اشتباكات محدودة.
وبدأت المظاهرات بعد إعلان أصحاب المحلات في بازار المدينة إضرابا عاما، احتجاجا على ارتفاع الأسعار وضعف قدرة الناس على شراء السلع الأساسية.
وقال ناشطون إن قوات الأمن اعتقلت على الأقل 3 من الشباب المحتجين وسط هتافات من قبل المتظاهرين بإطلاق سراحهم.
وفي مدينة مشهد، مركز محافظة خراسان، شمال شرقي إيران، عمّ إضراب عام بازار المدينة خاصة في سوق آزاد شهر، بحسب مقاطع بثها ناشطون عبر مواقع التواصل.
يذكر أن البنك الدولي توقع في تقريره “الآفاق الاقتصادية العالمية” الأسبوع الماضي، أن النمو السلبي للاقتصاد الإيراني سيصل قريبا إلى 4.5 – في المائة.
وأشار التقرير الى أن السبب الرئيسي للنمو السلبي لاقتصاد إيران هو العقوبات الأميركية، وخاصة الحظر المفروض على صادرات النفط الإيرانية، والذي يقضي على عائدات البلاد وقدرة حكومتها على تمويل المشاريع ودفع تكاليف الدعم.
ومنذ أن انسحبت الولايات المتحدة من الاتفاق النووي لعام 2015 مع إيران وأعادت فرض العقوبات على إيران في مايو عام 2018، يواجه الاقتصاد الإيراني انهيار مضطردا.
وقام البنك الدولي أيضًا بمراجعة تقديراته للتضخم الإيراني، قائلاً إنه بلغ في أبريل 52%، وذكر أنه على الرغم من أن هذا الرقم قابل للتغيير، لكنه على حدود التضخم المفرط.
وتشير التقارير إلى تضاعف أسعار السلع والحاجات الأساسية للمواطنين في إيران، مع ارتفاع معدلات البطالة وعدم قدرة الحكومة على دفع رواتب الموظفين، ما أدى إلى استمرار الاحتجاجات والإضرابات.
رجوي تدعو لمحاكمة رموز النظام:
دعت زعيمة المعارضة الإيرانية مريم رجوي، الاتحاد الأوروبي لفرض حظر على النظام الإيراني ومحاكمة عملائه، وتصنيف المخابرات والحرس الثوري كمنظمات إرهابية.
وقالت خلال مشاركتها في مظاهرة نظمها إيرانيون وأنصار المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية في العاصمة البلجيكية وعاصمة الاتحاد الأوروبي بروكسل تضامنا مع انتفاضة الشعب والمقاومة الإيرانية، أن النظام الإيراني خطط لعمليات إرهابية في أوروبا، وأن دولا عديدة اعتقلت وطردت دبلوماسييه.
وتهدف المظاهرة التي انطلقت في ساحة “شومان” إلى دعوة الاتحاد الأوروبي إلى تبني سياسة حازمة تجاه النظام الإيراني وأنشطته المزعزعة للاستقرار.
كما يدعو المتظاهرون إلى الاعتراف بحق الشعب الإيراني ومقاومته العادلة بإسقاط نظام الإرهاب الحاكم باسم الدين في إيران.
التعاون الخليجي”: تصعيد خطير
أدان الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي الدكتور عبداللطيف بن راشد الزياني الهجوم الذي استهدف ناقلتي نفط في خليج عمان.
ووصف الزياني الهجوم بأنه تصعيد خطير وخرق لكل الأعراف والقوانين الدولية وتهديد مباشر لحرية الملاحة وإمدادات العالم من الطاقة، كما أنه يعرّض الأمن والسلم الإقليمي والدولي للخطر.