احتضنت مكة المكرمة في العشر الأواخر من رمضان ، ثلاث قمم سياسية (خليجية، وعربية، وإسلامية) رسمت ملامح القرار الإسلامي والعربي حول العديد من القضايا الهامة، في ظل ظروف عصيبة تمر بها المنطقة، ومخاضات تحولات سياسية كبيرة، ومخاطر عديدة على الصعيد العسكري، استوجبت التباحث، والتدارس، وتبادل الآراء حولها، ثم اتخاذ القرارات المناسبة التي تضمن مصالح دول المنطقة، من تهديدات جارة السوء «إيران» ومن لفّ لفّها.
فكانت مكة قبلة المسلمين، و«قبلتهم السياسية» أيضاً خلال أيام انعقاد القمم، فإليها توجه قادة الدول الإسلامية، لحضور «القمة الإسلامية» في دورتها العادية بتاريخ (26 رمضان) ، وأخرى خليجية، وثالثة عربية سبقتها بتاريخ (25 رمضان) دعا لعقدها خادم الحرمين الشريفين، لمناقشة المستجدات الأخيرة على الساحتين العربية والإسلامية، والوقوف بحزم أمام المخاطر التي تصدر من إيران، وأدواتها المليشياوية في المنطقة.
عندما تزداد المخاطر، وتتعاظم المصائب في المنطقة، يحتضن البيت السعودي شمل إخوانه العرب والمسلمين، ليتدارس سُبل صد هذه المخاطر، ويتصدر المساعي التي تضمن للمنطقة الاستقرار الأمثل، فلطالما كانت المملكة دعامة السلام، وضمانة الاستقرار في المنطقة، وصاحبة القرار الأول فيها، ومركز الثقل العربي والإسلامي سياسياً، وعسكرياً، واقتصادياً، ودينياً، وجهودها التي تعزز مداميك الاستقرار تعكس رسائل إيجابية نحو مستقبل أكثر أمناً ورخاءً لكل دول المنطقة.
دائماً، تلعب السعودية الدور الأبرز في رسم المشهد السياسي الداعي للسلام في الشرق الأوسط، ودائماً يكون لها قصب السبق في صناعة وتهيئة الظروف المواتية التي تضمن أمن واستقرار دول المنطقة، واستضافتها لعقد القمم (الخليجية، العربية، الإسلامية) تأتي لتعزيز هذا الدور الريادي الذي تلعبه المملكة، وبجهود حريصة من ملكها وولي عهده في لمّ شمل البيت العربي والأمة الإسلامية على كلمة سواء، تحفظ للأمتين العربية والإسلامية مكانتها في خضم محيط متلاطم بعظائم الأمور، وتحفّه الأخطار من كل جانب.
شهدت المنطقة في الآونة الأخيرة أحداثاً متسارعة، وتصعيداً خطيراً مارسته أيادٍ مرتبطة بإيران وعلى صلة بها، إذ تمادت إيران في إرهابها، مستهدفة عبر أذرعها خطوط الملاحة البحرية في أهم الطُرق العالمية لتجارة النفط، ما يعني أن هذا «الجنون» تجاوز المدى الذي لايمكن التغاضي عنه، أو مداراته بالتجاهل.
استهداف إيران عبر أذرعها لخطوط الملاحة، ومهاجمة سفن النفط في عرض المياه الاقليمية في الخليج العربي، يستدعي حتمية الردع، والوقوف بحزم تجاه تهديد هذه المصالح التي ترتبط بالاقتصاد العالمي وتؤثر فيه، لذلك كانت «قمم مكة» واضحة في إرسال رسائل أكثر حزماً تجاه الإرهاب الذي تُمارسه إيران، ووضعت الخطوط العريضة للموقف العربي والإسلامي الواحد، والرادع للتهديدات الإيرانية في المنطقة والإقليم، وستؤسس مخرجاتها لسلام مستدام، يكون للمملكة شرف صناعته.