القاهرة – محمد عمر
تأتي حماية منظومة الطاقة العربية على رأس أولويات القمة العربية المقبلة لما تمثله من قيمة ذات عائد كبير لدول المنطقة، وتناقش القمة في أجندتها مواجهة أية اعتداءات إرهابية وتخربية تستهدف تلك المنظومة التى تعد شريان الحياة للعالم .وقالت الدكتورة نهى سلامة الخبيرة الاقتصادية مما لا شك فيه أن دعوة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز حفظه الله لعقد قمتين إحداهما عربية وأخرى خليجية فى نهاية الشهر الجارى، ذلك خلافا للقمة الاسلامية انما هو رسالة قوية تدل على إتحاد عربى و خليجى فى وجه أية إعتداءات إيرانية بالخليج و ربما يكون هذا الحدث يحدث لأول مرة أن يتم عقد ثلاث قمم فى هذه الاوقات المتقاربة بمكة المكرمة ، الأمر الذى ينم عن أهمية الاحداث الجارية التى تتعرض لها المنطقة و أهمية الرد عليها من خلال إبرازأصطفاف الجانب العربى و الخليجى للحفاظ على الامن العربى متمثلا فى الحفاظ على أمن مصادر الطاقة العربية و أمدادات النفط و الغاز.
حيث يعد أمن الطاقة و الامدادات النفطية واحدا من أكثر التحديات السياسية و الاقتصادية فى هذه الأونة فى ظل ما تشهده المنطقة من اضطرابات، وهو الأمر الذى يوضح أهمية الشراكة العربية لحماية مصادر الطاقة العربية والحفاظ عليها ضد أية إعتداءات ، حيث يتطلب ذلك وضع و إعداد اليات محددة للحفاظ على أمن و سلامة شبكة واسعة متطورة من الآبار وخطوط الأنابيب و منشآت معالجة الخام و محطات التصدير التى تعمل على مدار الساعة لخدمة أسواق النفط العالمية و الحفاظ على استقرارها، خاصتا وأن المملكة العربية السعودية أكبر مصدر للنفط الخام فى العالم، و تعتبر بإستمرار أحد أكبر ثلاثة منتجين على مدار السنوات الأخيرة ، الامر الذى يجعلها من أكبر الدول المؤثرة على الأسواق العالمية و إستقرارها.
و من ثم فإن للمملكة دور كبير فى هذا السياق حيث تعد المملكة مصدر موثوق فيه و مستقر للطاقة على المستوى العالمى، الامر الذى جعلها دوما صاحبة دور محورى فى تأمين إحتياجات العالم من الطاقة بإستخدام أفضل الاليات و الأساليب.
و مما لاشك فيه أن المملكة لديها من القدرات العسكرية و الأمنية دوما ما تستطيع به تأمين مصادر الطاقة لديها و أمدادات النفط الخاصة بها و لكن فى هذه الاونه يجب أن يتم هذا فى إطار من الشراكة و التكاتف العربى خاصتالتأمين الممرات الملاحية للنفط و الغاز ليكن هذا ردا عربيا و خليجيا و رسالة قوية تجاه أى اعتداءات موجهة للخليج من جانب و الحفاظ على إستقرار و اتزان الأسواق العالمية من جانب اخر، ولاشك أن إنعقاد القمتين العربية و الخليجية سيكون من ضمن أولوياته نقاشات موسعة حول أمن الطاقة العربى و اليات الحفاظ عليه فى إطار الشراكة العربية و فى إطار من المسئولية العربية و الدولية تجاه استقرار الأسواق العالمية.
بدوره قال الدكتور حسام الغايش الخبير الاقتصادى إن مع الاحداث المتعاقبة حاليا نرى أن أمن الطاقة العربى يقع تحت عدد من التحديات فى المنطقة العربية واهم هذه التحديات هو مضيق هرمز الذى يجذب الانتباه بسبب ضعفه الواضح.
إلا أنّ عبور الطاقة في جميع أنحاء المنطقة قد واجه في السنوات الأخيرة تعطيلات شديدة مثل حصار الموانئ في ليبيا، وتخريب خطوط أنابيب النفط في سيناء واليمن وإقليم بلوشستان في باكستان، زد على ذلك الهجمات على منشآت النفط والغاز في جميع أنحاء سوريا والعراق وأعمال القرصنة قبالة السواحل الصومالية. وبالتالى يواجه أمن الطاقة تهديدات على جميع المستويات، بدءاً من تعطيلات وإضرابات محلية ووصولاً إلى مواجهات عسكرية إقليمية كبرى.
وقد يبدو أن فائضاً في إمدادات النفط والغاز عالمياً مع أسعار منخفضة، واكتفاء ذاتي أمريكي متزايد، و بالكاد استجابت الأسواق للفورات الأخيرة ، إلا أن الاقتصاديات الكبرى وحتى الولايات المتحدة الأمريكية لا تزال تعتمد بشكلٍ مباشر أو غير مباشر، على إمدادات الطاقة التي تؤمنها منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا ، ووصل احتياطي القدرة الإنتاجية من النفط إلى أقل مستوياته بشكل غير عادي حتى بات التوازن ضعيفاً حتى أمام تعطيل متوسط الحجم.
ولقد ركزت أغلبية المخاوف على صادرات النفط، نظراً لأهميتها في الاقتصاد العالمي ، إلا أن أمن شحنات الغاز الطبيعي خطرٌ لم يقدر حقّ قدره، لا سيما بالنسبة لدول كاليابان وكوريا الجنوبية اللتين تعتمدان كثيراً على الغاز الطبيعي المسال.
ومن شأن أي تعطيل أن ينتج عنه عواقب وخيمة على دولٍ في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا من خلال حرمانها ليس من الإيرادات فحسب، إنما أيضاً من واردات هامة ، وهناك مجموعة واسعة من الحلول للتخفيف من خطر تعطيلات عبور الطاقة فى منطقة الشرق الأوسط
وذلك ببناء أنابيب جانبية بعيداً عن نقاط الاختناق الرئيسية ومناطق التخزين الاستراتيجي،حيث ان خطوط الأنابيب الجانبية العاملة حالياً خط أنابيب SUMED الذي يصل البحر الأحمر بالبحر الأبيض المتوسط (والذي يتجنب قناة السويس)؛ خط أنابيب حبشان – الفجيرة في الإمارات العربية المتحدة (الذي يتجنب قناة هرمز)؛ وخط الأنابيب السعودي بترولاين، الذي يمر إلى البحر الأحمر مؤمناً بديلاً للخليج وقناة هرمز. و تضم المشاريع المقترحة نقطة اتصال تربط بين بقية دول مجلس التعاون الخليجي ومحطة النفط التي سيتم بناؤها في الدقم في سلطنة عمان على المحيط الهندي؛ خطوط أنابيب جديدة أو سيتم إعادة تأهيلها التي تبدأ من العراق وتمر عبر الأردن وتركيا.
ومن الممكن أن يسند إدارة مناطق التخزين الاستراتيجي إلى الجهات المصدّرة أو الجهات المورّدة أو كلاهما معاً (فتحتفظ الجهات المصدّرة بالنفط على مقربةٍ من أراضي عملائها، كما هو الحال بين المملكة العربية السعودية واليابان، وبين أبو ظبي واليابان والهند) ، وايضا تضم آليات التعامل مع التعطيلات، كترتيبات المشاركة التعاونية.
ولقد ركزت التحاليل على البنية التحتية أكثر مما ركزت على التخفيف المتعلق بالسوق. ولكن لا بدّ أن تتضافر هذه الطرق كافة وتعمل معاً. فالبنية التحتية وحدها لا تكفي، لا بدّ من دمجها ضمن إطار عمل مناسب من الأنظمة والقوانين والدبلوماسية ، تتطلب خطوط الأنابيب العابرة للحدود والمتعددة الجوانب اتفاقيات حول التعاون الدولي؛ فالتخزين الاستراتيجي يبدو أكثر فعالية حين تكون قوانين استخدامه واضحة، وحين يتفق مالكو مناطق التخزين على عدم تخزين القليل من الإمدادت.
ومن كل ما سبق نجد أن المملكة العربية السعودية من خلال موقعها ودورها فى حماية أمن الطاقة العربى سيكون لها الدور المحوري والاهم من خلال البنية التحتية والتدخل فى أسواق النفط من خلال زيادة الانتاج او خفضه لأحداث توازن .
ومن جانبه قال الدكتور أحمد الإمام الخبير الاقتصادي تعد قضية أمن الطاقة من القضايا المحورية لارتباطها بالأمن القومي على مستوى الدول وعلى الأخص فى منطقتنا العربية حيث تمثل الطاقة المصدر الرئيسي للثروات و تمثل 85 % من إيرادات السعودية و الكويت و أكثر من 40% من دخل الامارات مما يعنى أن تأمين إمدادات الطاقة تمثل عصب الاقتصاد للدول المنطقة و تمثل المخزون الاستراتيجي للعالم .
مما يجعل تامين الطاقة أمنا قوميا وأى تهديد له يمثل تهديدا مباشرا للاقتصاد الدولى مما يجعل عملية التأمين تبدأ من مرحلة التنقيب و التكرير و الإمداد و صولا إلى المستهلك النهائي مما يجعل مرحلة التأمين الأولى داخل دول الإنتاج من مسؤلية قواتها المسلحة متمثلة فى قوات دول الخليج و مرحلة الإمداد يتم التأمين بواسطة القوات البحرية للدولة المصدرة .
بالإضافة إلى الدولة المالكة للناقلة النفط و الدول المستوردة مما يجعل المصالح المشتركة للاستمرار الإمدادات تجعل مسؤولية التأمين مشكلة دوليه فى الممرات الملاحية و المحيط مما يقلل من احتمالات القرصنة البحرية و استمرار الاستهداف التخريب كما حدث لناقلات الإمارات و السعودية فى الأسابيع الماضية ، تستحوذ خمس من دول المجلس على حصة كبيرة من سوق النفط العالمي.
وحسب تقرير أوبك2018 تنتج السعودية والإمارات والكويت وسلطنة عمان ومملكة البحرين، نحو 18 مليون برميل نفط خام يوميا مما يمثل ما نسبته 18.1% من الطلب العالمي على النفط مما يجعل اى تقلبات فى إمدادات النفط من المنطقة يمثل فقد 20% من الطلب العالمي الصعب تغطية من خارج المنطقة بصورة منتظمة مما يؤدى إلى ارتفاع التكلفة لمنتجات الصناعية .
بالأضافة إلى تأمين إمداد الكهرباء و الغاز و البنزين فى الدول المستوردة فى القارة ألاوربية و الصين و الولايات المتحدة بالرغم من حجم إنتاجها و يمثل انتاج السعودية نحو 10 مليون برميل يوميا مما يجعلها تنتج 50% من إجمالي الإمدادات البترولية للدول الخمسة .
وبدورها قالت الدكتورة شيماء أحمد الخبيرة الاقتصادية أصبحت الطاقة هي المحرك الأساسي للاقتصاد في المستقبل بعد التطور السريع في العلاقات الدولية والنظام الدولي والتوجه العالمي نحو تبني سياسات تنوع مصادر الطاقة وأنواعها كركن أساسي من أركان أمن الطاقة. ولأن المخاطر التي تهدد أمن الطاقة تعددت ، أيضًّا تعددت وتنوعت السياسات التي يمكن، أو يجب، أن تستخدم للحد من تلك المخاطر أو إزالتها. سواء جيولوجية، أو تقنية، أو اقتصادية، أو جيوسياسية، أو بيئية.
وأبرز مثال هى المملكة العربية السعودية التي تفوقت في ذلك كأحد الدول المنتجة والمصدرة للنفط من حيث ربط الأمن القومي والاقتصادي بأمن الطاقة لديها وتنوع مصادرها إذ تستهدف بحلول العام 2030 إنتاج 60 جيجا واط من الطاقة المتجددة 40 منها طاقة شمسية و20 جيجا واط من طاقة الرياح ومصادر أخرى.
أصبح أمن الطاقة الأرضية قابلا للانفجار خلال هذا القرن مما يتطلب تعزيز التعاون العربي وحفز البحث العلمي والتطوير للاستفادة من مصادر الطاقة المتجددة في المنطقة العربية ولإقامة مشاريع تنموية وتعزيز الاستثمارات المحلية والأجنبية في مجال الطاقة الجديدة والنظيفة لمواجهة النهم العالمي للنفط والذي يجب أن ينتهي في ظل توفير مصادر جديدة للطاقة .
كما أن ما تمتلكه البلدان العربية من طاقات بديلة سيشكل في المستقبل القريب بديلا عن الصراع على النفط والغاز في المنطقة والعالم ونشوب الهجمات على ناقلات النفط بمضيق باب المندب والبحر الأحمر أما مضيق هرمز فيعبر منه نحو 40% من الإنتاج العالمي من النفط الخام المنقول بحراً ، وهو ما يمثل أكثر من 20% من الإنتاج العالمي من النفط ، وتعبره يومياً ما بين 20 و30 ناقلة، بحمولة تتراوح بين 16.5 و17 مليون طن، بمعدل ناقلة نفط كل 6 دقائق في ساعات الذروة وتتزايد التوترات بالمضيق مع قرار الرئيس الأميركي ترامب بمنع استيراد النفط الإيراني.
وباالنظر في السياسات، والمواقف، والآليات التي تحقق أمن الطاقة، والتي تتمثل في تنويع مصادر إمدادات الطاقة التقليدية وغير التقليدية وتقليل الأضرار علي المدي الطويل في مجال الطاقة ونقلها بريا (طريق الحرير الجديد)، وبحريا بآليات آمنة وأكثر تقدما وتعزيز العلاقات التعاونية بين المصدرين المنتجين والمستوردين المستهلكين لتعزيز الترابط المتبادل فيما بينهم، بما يضمن المصالح المتبادلة والمشتركة بين طرفي علاقة أمن الطاقة.
المملكة تقوم بدور محوري وفعال في دعم أمن الطاقة على مستوى إقليمي ودولي وتأكد على أهمية الترابط المتبادل بين الدول والشركات في مجالات الطاقة.
فإن خطوط الأنابيب السعودية تبلغ طاقتها في الشحن والتصدير 13.2 مليون برميل يوميا موزعة على الأرصفة الثلاثة لتصدير البترول (رأس تنورة، والجميعة، وينبع) وتوفر امدادات لأوروبا وأمريكا دون حاجة للمرور من مضيق هرمز مما يقلل المخاطر ويحافظ على الأمن القومي لدول المنطقة ويجعلها في منأى عن أية ضغوط قد تتعرض لها تجاه مختلف القضايا، سواء الإقليمية أو العالمية، وهذا بدوره ينعكس على مكانتها في المجتمع الدولي.