جدة – البلاد
وسط اهتمام واسع وترجمة لدور المملكة تجاه الأمة ، تشهد القمة الإسلامية الرابعة عشرة لمنظمة التعاون الإسلامي في مكة المكرمة أواخر شهر مايو الحالي، برئاسة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود – حفظه الله – حضوراً تاريخياً لافتاً.
وأشاد الدكتور يوسف العثيمين، الأمين العام للمنظمة، بجهود حكومة السعودية بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، وولي العهد الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز؛ على كل الدعم الذي تلقاه المنظمة من السعودية باعتبارها دولة المقر، وكذلك للجهود الكبيرة التي تبذلها حكومة المملكة في لمّ الشمل الإسلامي وتوحيد الصف لمواجهة التحديات بمختلف أشكالها.
وقال إن القمة الإسلامية التي تستضيفها مكة المكرمة في 31 مايو الحالي، تعقد في ظروف حرجة نظراً لما تشهده بعض الدول الإسلامية الأعضاء من تدخلات في شؤونها الداخلية، والحوادث الإرهابية، والإسلاموفوبيا التي باتت مقلقة جداً وتتصاعد.
ولفت إلى أن قضية فلسطين والقدس الشريف تأتي في صدارة اهتمامات القمة الإسلامية نظراً لمكانتها المركزية ، كما تنعقد القمة ودول أعضاء عدة تشهد أزمات خطيرة على الصعيد الأمني والسياسي والإنساني، وستكون القمة مناسبة مهمة لتأكيد ضرورة تكثيف جهود دفع مسارات التسوية السياسية لهذه الأزمات بالنظر لعواقبها الوخيمة على الشعوب وتداعياتها على السلم والأمن في المنطقة.
ومرت قمم منظمة التعاون الإسلامي بفصول وأحداث وأزمات متلاحقة، أبرزها قضية فلسطين التي تم تأسيس المنظمة من أجلها ، وكان إعلان مؤتمر القمة الإسلامي الأول بالرباط في المملكة المغربية في 25 سبتمبر 1969 بحضور ممثلي منظمة التحرير الفلسطينية بصفتهم مراقبين ، دليلاً واضحاً على تمسك المسلمين بقضيتهم التاريخية في كل محفل ، وصدر عن المؤتمر البيان الختامي وقتها ، جاء فيه بأن رؤساء الدول والحكومات والممثلين بعد أن بحثوا العمل الإجرامي المتمثل في إحراق المسجد الأقصى والحالة في الشرق الأوسط يعلنون ما يلي : إن الحادث المؤلم الذي وقع يوم 21 أغسطس 1969 م ، والذي سبب الحريق فيه أضرارا فادحة للمسجد الأقصى الشريف قد أثار أعمق القلق في قلوب أكثر من ستمائة مليون من المسلمين في سائر أنحاء العالم.
وعقد مؤتمر القمة الإسلامي الثاني في مدينة لاهـور بجمهورية باكستان الإسلامية في الفترة من 22-24 فبراير 1974 م، وجاء في إعلان لاهور تسجيل التقدير والاعتزاز التضحيات البطولية التي قدمها الشعب الفلسطيني ودول المواجهة العربية التي تجابه المعتدي الصهيوني.
وإذ يبحث التطورات الأخيرة في الشرق الأوسط والموقف الخطير الناجم عن استمرار إسرائيل في احتلالها لإراض تابعة لثلاث دول عربية شقيقة أعضاء في منظمة المؤتمر الإسلامي واستمرار اغتصاب أراضي فلسطين وتشريد شعبنا، وإذ يعتبر هذا الموقف انتهاكاً لميثاق الأمم المتحدة وخرقاً لقراراتها وللإعلان العالمي لحقوق الإنسان الأمر الذي يشكل تهديداً خطيراً للسلام وللأمن الدوليين.
وشهدت مكة المكرمة استضافة مؤتمر القمة الإسلامي الثالث في الفترة من 25-28 يناير 1981 م ، حيث قال البيان الصادر عن إعلان مكة في نصه : نجتمع في رحاب هذا البلد الحرام وفي كنف الكعبة المشرفة ، مهبط الوحي وقبلة المسلمين ، عند مطلع القرن الهجري الجديد في لقاء نعده حدثاً جليلا في تاريخ الأمة الإسلامية ، ونتخذ منه منطلقا حاسما لنهضة إسلامية شاملة تستدعي من المسلمين كافة وقفة حازمة يراجعون فيها رصيدهم الماضي وواقعهم الحاضر، ويتطلعون بالإرادة الوطيدة إلى مستقبل أفضل في ظلال سياسة التضامن الإسلامي فتعود لصفوفهم وحدتها ولحياتهم رقيها وازدهارها ولمنزلتهم في المجتمع الإنساني شرفها ليؤدوا دورهم في الحضارة الإنسانية.
وشدد إعلان مكة على أن انتماء المسلمين الصادق إلى الإسلام والتزامهم الحق بمبادئه وقيمه منهجاً للحياة هو درعهم الواقي من الأخطار المحدقة بهم ، وسبيلهم الأمثل إلى تحقيق المنعة والعزة والازدهار ، وطريقهم القويم لبناء المستقبل وضمانتهم التي تحفظ للأمة أصالتها وتصونه.
فيما عقد مؤتمر القمة الإسلامي الرابع بمدينة الدار البيضاء في المملكة المغربية في الفترة من 16 إلى 19 يناير 1984م ، وافتتح خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز -رحمه الله- كونه رئيس مؤتمر القمة الثالث بخطاب تناول فيه ما تحقق من أعمال خلال السنوات الماضية الثلاث وهدفت إلى تدعيم العمل الإسلامي المشترك انطلاقاً من بلاغ مكة التاريخي .
واستضافت الكويت مؤتمر القمة الإسلامي الخامس في الفترة 26- 29 يناير1987م ، واعتمد مؤتمر القمة قرارا بشأن قضية فلسطين والشرق الأوسط ، يؤكد أن فلسطين هي جوهر الصراع العربي الإسرائيلي ، وأن السلام العادل والشامل في المنطقة لا يمكن أن يقوم إلا على أساس انسحاب العدو الصهيوني الكامل وغير المشروط من جميع الأراضي الفلسطينية والعربية المحتلة ، واستعادة الحقوق الوطنية الثابتة للشعب الفلسطيني بما فيها حقه في العودة وتقرير المصير ، وإقامة دولته الفلسطينية المستقلة فوق ترابه الوطني .
كما شهدت العاصمة السنغالية دكار، استضافة مؤتمر القمة الإسلامية السادس تحت عنوان “دورة القدس الشريف والوئام والوحدة” في 9 ديسمبر 1991م ، حيث أكد المؤتمر أن القضية الفلسطينية هي قضية المسلمين الأولى ، وهي جوهر النزاع العربي – الإسرائيلي .
وفي 15 ديسمبر 1994م استضافت مدينة الدار البيضاء مؤتمر القمة الإسلامي السابع ، وهي القمة التي توافق مرور خمس وعشرين سنة على قيام منظمة المؤتمر الإسلامي بعد انعقاد أول مؤتمر قمة إسلامي على أرض المملكة المغربية سنة 1969م ، وجاء في بيانها الختامي أنه انطلاقا من الالتزام بالعقيدة الإسلامية نصاً وروحاً، والاقتناع الراسخ بما يحض عليه الإسلام في دعوته وتعاليمه من خير للبشرية، وتأكيدا للعزم الصادق على الوفاء بميثاق منظمة المؤتمر الإسلامي وتعزيز التضامن بين الدول الأعضاء فيها، وإدراكاً لأهمية ما يجري من تحولات عالمية تقتضي ضرورة تكيف أمتنا مع هذه التحولات مع الحفاظ على خاصيتها الثقافية والحضارية.
وفي الدورة الثامنة لمؤتمر القمة الإسلامي واستضافتها العاصمة الإيرانية طهران وأكد المؤتمر أن قضية فلسطين والقدس الشريف هي قضية المسلمين الأولى، وأعرب عن تضامنه الكامل مع منظمة التحرير الفلسطينية في نضالها العادل من أجل تحقيق الحقوق الوطنية الثابتة غير القابلة للتصرف للشعب الفلسطيني بما فيها حقه في العودة وتقرير المصير وإقامة دولته المستقلة على أرض وطنه وعاصمتها القدس الشريف.
وانتقلت الدورة العاشرة لمؤتمر القمة الإسلامي في بوترا جايا بماليزيا وجاءت تحت عنوان
،دورة المعرفة والأخلاق من أجل تقدم الأمة، وعقدت خلال الفترة 16 – 17 أكتوبر 2003م ، وأكد المؤتمر ضرورة قيام الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف وضرورة تطبيق جميع القرارات الدولية المتعلقة بقضية فلسطين وقضية الشرق الأوسط. بينما أقيمت الدورة الحادية عشرة للمؤتمر في دكار بجمهورية السنغال في 2008م ، تلتها قمة القاهرة في جمهورية مصر العربية بالنسخة الثانية عشرة ، وجرى فيها استعراض الأوضاع في المجالات السیاسیة والاقتصادية والاجتماعية لتحلیل الآثار المترتبة عن ذلك على الأمة الإسلامية تحت شعار “العالم الإسلامي : تحديات جدیدة وفرص متنامیة” .
وفي القمة الثالثة عشرة التي استضافتها مدينة إسطنبول التركية في 2016 شدد المجتمعون على الالتزام بالمبادئ وتعزيز العلاقات بين الدول الأعضاء وعدم التدخل في شؤونها.