بقلم : بندر بن عبدالله بن تركي آل سعود
يلاحظ المتتبع لأحاديث أخي صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز، ولي العهد، نائب رئيس مجلس الوزراء، وزير الدفاع، حفظه الله ورعاه، وسدد على طريق الخير خطاه، ولقاءاته أنه دائما يؤكد لمستمعيه ومشاهديه ومحاوريه أن همة السعوديين ثابتة قوية راسخة، تحاكي في ثباتها وقوتها ورسوخها ثبات جبل طويق، بل أكثر من ذلك: لن تتزحزح حتى إن تزحزح طويق عن مكانه.
أما طموحهم لبلادهم وتنميتها وتطويرها والنهوض بها لتتبوأ مركزها المتقدم المستحق بين مصاف الدول الصناعية الكبرى في العالم، فهو عنان السماء.
ويذكرني هذا بمقولة شهيرة لأخي صاحب السمو الملكي الأمير خالد بن سلمان بن عبد العزيز آل سعود، نائب وزير الدفاع، إذ قال يوم كان سفيرا لخادم الحرمين الشريفين لدى واشنطن في أحد أحاديثه للإعلام، عبارة ذكية جامعة شاملة، أجدها معبرة بصدق عن حب السعوديين لبلادهم وحرصهم على خدمتها والدفاع عنها والذود عن حياضها بكل غال ونفيس، إذ يقول: (يعمل السعوديون من أجل تنمية بلادهم وتطويرها لأنهم يحبونها).
وإذا استصحبنا مع هذا مقولة أخي ولي العهد الشهيرة أيضا في لقائه الشهير مع الكاتب الأمريكي الشهير توماس فريدمان عام 2017م، إذ يقول: (إنني في عجلة من أمري، لأنني أخشى أنه في يوم وفاتي سأموت دون أن أحقق ما يدور في ذهني لوطني)، إضافة إلى رده الحازم الحاسم كعادته دائما على الطفيليين من مرتزقة الإعلامنجية الذين يحاولون عبثا تعطيل مسيرة خيرنا القاصدة، إذ يقول: (لا يهمني كيف ينظر العالم إلي، بقدر ما يهمني ما يصب في مصلحة البلاد والشعب السعودي. فأي أمر يخدم الشعب السعودي والدولة السعودية، سأفعله بكل قوة، بغض النظر عن الانطباعات التي يخلفها عني).
أقول: عندما نستحضر تلك الأقوال القاطعة الحازمة الحاسمة الواضحة القوية، ندرك يقينا لماذا هذا القائد الهمام في عجلة من أمره، لدرجة أننا أصبحنا نشفق عليه من كثرة انكبابه على العمل صباح مساء. فكلنا نذكر على سبيل المثال من قريب جدا أن سموه الكريم في يوم واحد ونصف اليوم، أي في ستة وثلاثين ساعة فقط من العمل المتصل، قدم رؤية العلا في منطقة المدينة المنورة، ثم دشن ميناء الملك عبد الله في محافظة رابغ بمنطقة مكة المكرمة، وترأس مجلس الهيئة الملكية لتطوير مكة المكرمة والمشاعر المقدسة، ثم زار الحرم المكي الشريف متفقدا مشروعات التوسعة.. فهذا جهد جبار وعمل عظيم لا يقوى على القيام به إلا الرجال العظماء والأبطال الأفذاذ الشرفاء الأوفياء لبلادهم وشعبهم، الذين يسابقون الزمن قولا يصدقه الفعل لتحقيق أقصى ما يستطيعون مما يحلمون به للبلاد والعباد.
والحقيقة، يدرك كل متابع منصف للأوضاع في المنطقة، أن سمو أخي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، حقق خلال هذين العامين منذ تسلمه منصب ولاية العهد يوم الأربعاء السعيد السادس والعشرين من رمضان المبارك عام 1438هـ، الموافق للحادي والعشرين من يونيو عام 2017م، يدرك المتابع أن سموه حقق انجازات عظيمة لبلاده ولشعبه، بل للمنطقة وللعالم أجمع، بتوجيه قائد مسيرتنا وحادي ركبنا سيدي والد الجميع خادم الحرمبن الشريفين مليك البلاد المفدى سلمان بن عبد العزيز آل سعود، حفظه الله ورعاه وسدد على طريق الخير خطاه، محققا مكتسبات يعجز آخرون كثر عن تحقيقها في عقدين من الزمن؛ لأن طموحه هو عنان السماء، وهمته راسخة مثل جبل طويق، لا تفتر أبداً.
فاستطاع من خلال متابعته لبرنامج التحول الوطني وتنفيذ برامج رؤيتنا الطموحة الذكية (2030) التي هندسها سموه الكريم بعبقرية الاقتصادي العارف، تحقيق خطوات إصلاحية واسعة شاملة في جميع المجالات، من إعادة لهيكلة الدولة، محاربة للفساد، تطوير للقدرات الاقتصادية، أكدت بما لا يدع مجالا للشك قدرتنا على تنويع مصادر دخلنا وعدم الارتهان للنفط مصدرا وحيدا لدخلنا القومي، بشهادة إنجاز أضخم.
خطة إستراتيجية في تاريخ المملكة تهدف لإعادة هيكلة الاقتصاد الوطني لتنويع مصادر الدخل على أسس علمية حديثة، إذ يكفينا فخرا أن خبراء الاقتصاد العالميين شبهوا مشروع نيوم الاقتصادي الاستثماري العالمي وحده بمشروع مارشال الاقتصادي الهائل لإعادة تعمير أوروبا بعد نهاية الحرب العالمية الثانية. وبلغ حجم اقتصادنا اليوم (750) مليار دولار أمريكي، واحتلينا المرتبة الثالثة على مستوى العالم من حيث امتلاك الصناديق السيادية ب (900) مليار دولار. وجئنا في المرتبة الثانية عالميا من حيث امتلاك الاحتياطي النفطي ب (270) مليار برميل، وقدرت قيمة ثرواتنا الطبيعية ب (35) تريليون دولار.
إضافة لتحقيق قفزات هائلة على كافة الصعد: السياسية، العسكرية، الاجتماعية، الرياضية، الترفيهية والثقافية التي أنشئت لها وزارة خاصة. ففي المجال العسكري مثلا، لأول مرة في التاريخ الحديث يتمكن المسلمون من تشكيل تحالف عسكري إسلامي من أكثر من أربعين دولة، يكون مقره الرياض، هذا فضلا عن تطوير قدراتنا العسكرية ودخولنا عصر التصنيع الحربي وتوطين الصناعات العسكرية، ومن ثم تحويل بلادنا العزيزة الغالية التي ليس مثلها في الدنيا بلاد، إلى قوة صناعية رائدة ومنصة لوجستية عالمية. فقد بدأت البشائر تترى، إذ دشن سموه الكريم أول طائرة حربية من طراز هوك تم تجميعها وتصنيع عدد من أجزائها محليا بأيد وطنية، وأسس مركزا للحرب الجوية، فضلا عن اهتمام سموه الكريم باستعداد بلادنا لمواجهة الصراع السيبراني الإقليمي المباشر في نطاقها الجيوإستراتيجي لتنضم إلى قائمة أربعين دولة فقط في العالم هي التي تمتلك اليوم قدرات سيبرانية متفاوتة، إدراكا من سموه الكريم لما أصبح يشكله الفضاء والسيبراني من مسرح جديد لحرب خفية لا تعترف بالحدود السياسية والجغرافية للدول. ولهذا تم تأسيس الهيئة الوطنية للأمن السيبراني تنفيذا لأهداف رؤيتنا (2030) التي تهدف لتأسيس صناعة وطنية في مجال الأمن السيبراني تحقق لنا الريادة في هذا المجال، وتحمي شبكتنا الوطنية الإلكترونية من الأعداء.