أرى ان التطور التكنولوجي وثورة المعلومات ووسائط التواصل الاجتماعي فرضت نفسها على الحياة اليومية للبشر ..سواء كانوا كبارا ام صغارا .. بل اسدلت واقعا جديدا شديد التأثير على العلاقات الانسانية وادبياتها بحيث يمكنني ان اطلق عليها الادبيات الرقمية.
هناك مواقف لم تكن موجودة قبل ظهور التكنولوجيا ووسائطها وادواتها وتطبيقاتها .. حيث لم يكن التفاعل والتداخل عبر الوسائط موجودا او متاحا بداية .. الا ان الوضع تغير في عصر التكنولوجيا الرقمية ..اي ان القارئ اخذ دورا مجتزءا من الكاتب الاساسي- عن طريق التفاعل والنقاش معه وابداء الراي فيما يكتب بل التدخل في النص وتغييره بما يروق للقارئ وقيمه ومعلوماته وثقافته .. وكذلك الامر مع الصور ومقاطع الفيديو ..الخ بل يصل الامر الي الرفض والتسفيه والتحقير للكاتب او من كلا الطرفين.
ياسادة .. لقد ارتبطت حياة البشر سواء كانوا كبارا ام صغارا او حتى اطفالا ..ارتبطت بالتقنيات والتطبيقات لكل متطلبات الحياة من عمليات البيع والشراء والبحث عن المعلومة او حجز مقاعد الطائرات وطلبات الاكل ..الخ.. كل ذلك يتطلب التعامل مع اجهزة الكمبيوتر المكتبية واللوحيات والهواتف الذكية باستعمال النصوص المكتوبة او الصوتية .. وهذا بالضرورة فرض سلوكا واساليب ولغة للتعامل جديدة ومختلفة عما تعلمناه في مدارسنا وما كنا نمارسه في الحياة ..
كل ما سبق يفرض علينا ان نتعلم من جديد .. نحن وابناؤنا واطفالنا وطلابنا وفق مراحلنا العمرية ومستوياتنا الدراسية ..كيفية اتقان مهارات التواصل الرقمي .. تماما كما تعلمنا مهارة التواصل الكتابي في مادة التعبير ..
هذا.. واعتقد جازما بان مناهجنا الدراسية يجب ان تقدم جرعة متقدمة من مبادئ ومفاهيم السلوك الرقمي وكيفية كتابة النصوص ومناقشتها ونقدها والاضافة اليها وكيفية التعبير عن اختلافات وجهات النظر بين المتحاورين الكترونيا .
يقول الباحث كايلي بايلفيلد .انني اعتبر التكنولوجيا الرقمية خير وسيلة لتعديل سلوك الطلبة خلال سنواتهم الاولي حيث ان المهارات السلوكية الاجتماعية لم تتبلور او تكتمل بعد ..فلذلك يمكن تغذيتها ايجابيا عن طريق التفاعل الايجابي الالكتروني بالدعم والتوجيه والرقابة في المخاطبات وانهاء الواجبات المدرسية في وقتها المحدد والتقيد بتعليمات المدرسين ومراقبتها ومكافأة الطلبة الملتزمين بالتعليمات وتشجيع التحاور بين الطلبة وبعضهم البعض بالطرق الايجابية نفسيا واجتماعيا ..الخ.
اما فيما يختص بالمعلمين .. فيجب اعدادهم تقنيا ونفسيا واجتماعيا واكسابهم المهارات السلوكية المطلوبة للتعامل مع الطلاب من خلال التكنولوجيا الرقمية ..عن طريق تصميم وعرض الصور الذهنية التي يريد المعلم ان يتركها تتغلغل وتعشعش في عقول طلبته كي تدعم السلوك الجمعي الالكتروني في التعاملات الانسانية.
العلم ..والتكنولوجيا.. هما اساس الحياة القادمة.