جدة – مهند قحطان
يخشى الكثير منًا فى المجتمعات العربية الإصابة بالحسد وأضراره التى تقع على الإنسان من منطلق أنه ورد بالقرآن الكريم فى آيات تدعو المسلم إلى الاستعاذة بالله من شر الحسد ، والتى تعد من الصفات المذمومة مجتمعياً، ويصل خوف المرء من الحسد إلى درجة أن ينتابه هاجس دائم ووسواس قهري يصاحبه على مدار حياته، فيما يصل بالبعض الحال إلى أن تكون الإصابة بالحسد شماعة يعلق عليها إخفاقاته فى الحياة ناسياً قضاء الله وقدره. وحول ذلك استطلعت “الـــــــبلاد” أراء العديد من المواطنين.
فى البداية يقول الشاب مهند المطري إن الحسد ذُكر في القرآن الكريم فى قوله تعالى “ومن شر حاسد إذا حسد” ، ولكن يجب ألا نصل إلى درجة الخوف المرضي من الحسد ، ونتغافل أن كل شىء يحدث لنا هو من قضاء الله وقدره ، لذا من الضرورى أن يحصن المسلم نفسه بالأذكار المعروفة والأدعية التى أوصى بها النبى صلى الله عليه وسلم فى حال الخوف من لقاء حاسد أو الإصابة الفعلية به ، مثلما وردت فى السنة المحمدية المطهرة.
وأضاف ” المطرى” أن الخوف المرضي من الحسد انتشر بين فئات المجتمعات العربية من رجال و نساء، وهناك من يعلق فشله فى تحقيق هدف ما على شماعة الحسد ، وهو مالا نجده فى المجتمعات الغربية ، لذا يجب الانتباه إلى أن الإخفاق قد يعود في كثير من الحالات إلى عوامل نفسية داخلية ومحيطة تحتاج إلى علاج ، مشيرا إلى أن أن هاجس الإصابة بالحسد وصل بالبعض لدرجة الخوف من لبس ملابس جديدة أو السكن بمنزل حديث أو شراء سيارة بسبب خوفه من الإصابة بالعين، وبالتالي يحرم نفسه من التمتع بما رزقه الله خوفاً من الحسد.
الحديث عن النعم
من جانبها أدلت المرشدة السياحية منى الغامدي برأيها فى هذه القضية قائلة :إن التزام الكتمان إزاء بعض الأشخاص حول النعم التي أنعم الله بها على المرء وعدم الحديث عنها أمام أيّ يعتبر الحل الأمثل لتجنّب حسد الحاسدين من تفوّق الأبناء أو حصول بعضهم على وظيفة جديدة ، حيث أنَّ البعض قد يكون لديه أبناء بالكاد أكملوا دراستهم وأنهوها دون تفوّق ووجدوا وظائف مردودها المادي ضعيف.
الرقية الشرعية
أما محمد الاحمري ، فيروي موقفا صعبا حدث له شخصياً ولازال يرجعه إلى الحسد قائلا : أن أحد أبنائه تعرض لوعكة صحية شديدة بعد قدومه من شهر العسل الذي قضاه في ماليزيا، لدرجة أنه ظل يتحدث إلى نفسه لمدة 3 شهور كاملة وبعد مراجعات عدة لأكثر من مستشفى في جدة واستخدام أكثر من 20 نوع علاج لم يتبين السبب، فلجأنا إلى العلاج بالرقية الشرعية لدى أحد المعارف ممنا نتوسم فيهم الصلاح فتبين أن ابني كان محسوداً وبعد أكثر من زيارة للراقي بدأت حالته تتحسن حتى عاد إلى طبيعته “.
طريقة أخرى لعلاج المحسود
ومن جانبه أكد المواطن أحمد با مجلي أنه إذا ثبتت علامات الحسد على الإنسان فإن له علاجا ويُشفى بإذن الله تعالى، موضحاً أنه يكون بأمرين كما جاء فى تراث الأجداد ، حيث يكون أولا بالرقية الشرعية ثم اغتسال المحسود بحسب المقولة المأثورة “إذا عُرِف العائن يؤمر بالاغتسال”، ثم يؤخذ الماء الذي اغتسل فيه، ويُصَبُّ على المحسود من خلفه، فيبرأ بإذن الله تعالى.
وأضاف أن الحسد والسحر من الأمور التي ذكرت في القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة، ومع ذلك فإن التحصين منه موجود في هذين المصدرين وهناك العديد من الآيات والأذكار التي تُعتبر من طرق الحماية والوقاية من الحسد ، موضحاً أنه لا يجب أن نؤمن ببعض الحديث وننكر البعض الآخر، فنجد أن البعض يُرجع أسباب الأمراض النفسية إلى العين وهي أمور معترف بها ولكن ليس كل مرض نفسي سببه العين، وقد يرجع السبب في الاعتقاد الراسخ بالعين إلى أن الإنسان بطبعه ضعيف وإذا لم يجد العلاج فإنه يلجأ إلى أي شيء يستند إليه ويُرجع ما ألمّ به من مرض أو وسواس إلى السحر أو العين والحسد ، وتظل الرقية الشرعية حصنا وليس اللجوء إلى السِحر والشعوذة والدجالين.
موروث اجتماعي
وأكد طلال القحطاني على أن الشعور بالخوف من الحسد ما هو إلا شعور نفسي وأنَّ الحسد حسب موروثنا الاجتماعي عبارة عن أنَّ هناك أحد الأشخاص يكره الخير للآخرين، ويعتقد المحسود بأن الحاسد يحاول التأثير النفسي عليه بحيث يجد نفسه يتعرض لأشياء جسدية ونفسية بسبب التفكير المستمر بعين الحاسد، لافتاً إلى أنَّ السلوك الجماعي عند النّاس قد يفرض إرادة على طريقة تصرفهم وليس بسبب الخوف من الحسد.
وأضاف أن فكرة الخوف المفرط من الحسد فكرة تناقلتها الأجيال من القِدَم، وأصبحت السبب الذي يُعزى إليه أي فشل أو إخفاق في الحياة ، مشيراً إلى أن تنشئة الأبناء على هذه الفكرة أدت إلى رسوخها في المجتمع بشكل أكبر ، نتيجة عوامل اجتماعية.
دوامة الشك
من جهة أخرى أكد نواف خالد أن الخوف المبالغ فيه من العين قد يحرم الإنسان من الاستمتاع بمتاع الحياة ولذتها، وقد يُدخله في دوامة الشك بكل ما حوله ويتسبب في مشاكل اجتماعية ما كانت لتكون لولا الخشية من العين وحياة الإنسان الخائف من العين قد تُدخله في دوامة من الاكتئاب والقلق وحياته تقع في دوامة الشك وسرعة التأثر وتضخيم الأمور وسوء الظن بكل من حوله وعدم الثقة، وإرجاع كل المشاكل للعين مما يؤدي إلى تراكمها وعدم إيجاد حلول حقيقية ومنطقية لها كل ذلك يجعل انهيار حياته أمراً حتمياً والمفروض مراجعة مختص بالعلاج النفسي لدراسة حالته وتقرير ما يحتاج لذلك.
العلاج نفسي
تشير بعض الأبحاث والتقارير الطبية التى صدرت مؤخراً فيما يتعلق بعلاج الحسد نفسياً ، إلى أن التغلّب على الوسواس القهري العلاج النفسي يكون عن طريق العلاج المسمّى بالمعالجة الإدراكيّة السلوكية أو العلاج السلوكي المعرفيّ، ويعتمدُ على مساعدة المُصاب بالحسد على إدراك وتفسير طريقة تفكيره السلبيّة، من أجل تغييرها إلى أفكار أخرى إيجابيّة واقعية، كما يعتمد أيضاً على إعادة البناء المعرفيّ للمُصاب من أجل تعديل الأفكار التي نتجت عن الاضطراب، وذلك باستخدام أسلوب الجدل والمنطق والنقاش، حتّى يصل المصاب ويقتنع بلا منطقية اعتقاداته ووساوسه.