مكة المكرمة – احمد الاحمدي
بين الاحتفاء والمحاكمة اتسم اللقاء الذي نظمه نادي مكة الثقافي الأدبي ، ضمن فعاليات جماعة فضاءات السرد ، حول روايتي الأديب عبدالله ناجي ( منبوذ الجبل ) و( حارس السفينة )..
بداية قدم محور اللقاء (عبدالله ناجي)، لنفسه كما كانت له ثلاث مداخلات .. فهو ابن مكة التي أخذت في أعماله دور البطولة ، والشعر عنده كائن تلبسه مبكراً وأعطاه كثيراً ومازال يعطيه .. وحين ذهب إلى (الرواية)، رافقه الشعر حيث تتجلى القصيدة بين السطور .. وقد أتاحت الرواية له دائرة أوسع للترحال .. وإذا كان مظهر الكتابة بين الشعر والرواية قد اختلف ، فإن جوهرها باقٍ..
ويرى (ناجي)، أن الإنسان يولد متجذراً بالخيال ، لكنه يتناقص مع التقدم بالسن ، إلا أن الأديب يحافظ عليه أو يحاول ، ومن هنا كانت كتاباته تعتمد على الواقع المتخيل ..
القراءات والتعقيبات :
كانت القراءة الرئيسة في هذا اللقاء للأستاذ الدكتور أحمد حسن صبرة الذي تناول في نقده رواية (منبوذ الجبل)، فوجد فيها ما يستحق القراءة وأبدى إعجابه بثقافة الكاتب ، لكن القراءة عزلته عن العالم وجعلته منبوذ الجبل ، فكان فعلها مدمراً ، وكان الهروب من الكتابة كالهرب من الموت ..
وأبدى الدكتور صبرة إعجابه بالبناء الدائري للرواية ، وما فيها من تنوع وعمق ونضج .. وقد استتر الكاتب خلف السرد لعرض آرائه في الحياة ..
وتعددت بعد ذلك تعقيبات الحاضرين على روايتي عبدالله ناجي .. حيث اقترح الدكتور سعد حمدان الغامدي أن يكون اسم رواية (منبوذ الجبل)، ابن أبيه الجبل .. ووجد في الرواية سجلاً للأزمنة والأمكنة ، وحديثاً فلسفياً عن الإيمان ، وثقافة عالية وحكماً وخبرات ، لكن الجوانب المعرفية كانت قلقة في سياقها أحياناً ، كما أن هناك القليل من المشاهد التي تنافي الذوق خاصة أن مسرحها مكة المكرمة ..
وأكّدت الدكتورة ابتسام الصبحي أن الكاتب يمتلك ثقافة المعرفة ، وفنيات عالية ولغة جمالية ، رغم أنه تخفف من قيود الشعر في سرده ، والكتابة لديه من واقع الناس وليست من التخيل ، فهي إضاءة على واقع الأديب .. لكن هناك شيئاً من الحشو للمعلومات في بعض الصفحات ـ، ومشاهد يمكن تجنبها ..
ووجد الأستاذ الدكتور عبدالله بن إبراهيم الزهراني جامعاً مشتركاً بين روايتي عبدالله ناجي (منبوذ الجبل) و(حارس السفينة)، ففيهما استعراض ثقافي ، وكأن الكاتب يقول : هذه مذكراتي القرائية .. وهو يقدم أطلساً جغرافياً ، من خلال رصد المكان وعلاقته بالإنسان .. وفي شخصيات الروايتين نوع من الغربة الروحية ، والغربة النفسية ، والغربة الجسدية .. ولم ينفك الكاتب عن شخصيته الشعرية .. وتحدثت الدكتورة خلود الحارثي عن رواية (حارس السفينة)، وما فيها من تضخيم للأحداث والشعور بعقدة النقص ..
ورأى الدكتور سعود الصاعدي في الكاتب عبدالله ناجي مبدعاً يبحث عن اكتمال الذات ، وقد امتد في تجربته الشعرية في السرد ، وقدم سيرة ذاتية تخيلية حافلة بالتأملات الصوفية ..
ووصف الدكتور عبدالعزيز الطلحي فارس الأمسية بالشاعر الروائي وأنه قدم سيرته الذاتية من خلال منبوذ الجبل، بأسلوب أدبي جميل ، مع الاهتمام بالتفاصيل المكانية والرموز الموحية .
ولم تكتف الناقدة الأستاذة مستورة العرابي بإدارة هذا اللقاء بل كانت لها آراء نقدية قيمة في روايتي الكاتب ، حيث وجدت فيهما بحثاً عن الحقائق وعن البياض في العتمة مع الشعور بالوحدة والغربة ، واللجوء إلى التصوير اللغوي الإيحائي والرموز ذات الكثافة الدلالية .