عواصم ــ وكالات
وعدت رئيسة الوزراء النيوزيلندية، جاسيندا أرديرن، بأن لا تلفظ أبداً اسم مرتكب المجزرة التي استهدفت الجمعة مسجدين في مدينة كرايست تشرش، مؤكدة أنه “سيواجه كل قوة القانون”.
وخلال جلسة طارئة عقدها البرلمان وافتتحتها بتحية “السلام عليكم” التي نطقتها باللغة العربية، قالت أرديرن إن منفذ المجزرة “سيواجه كل قوة القانون في نيوزيلندا”.
وأضافت أنّ الإرهابي الأسترالي، برينتون تارنت، الذي ألقت قوات الأمن النيوزيلندية القبض عليه عقب تنفيذه أسوأ هجوم إرهابي في تاريخ بلدها المسالم “سعى من عمله الإرهابي إلى الحصول على أشياء كثيرة، أحدها الشهرة، ولهذا السبب لن تسمعوني أبداً أذكر اسمه”.
وتابعت قائلة: “إنه إرهابي. إنه مجرم. إنه متطرف. لكنّه، عندما أتكلّم، سيكون بلا اسم!”.
وكانت أرديرن، أعلنت في وقت سابق أن الحكومة وافقت على قوانين أكثر صرامة بشأن حمل السلاح. وأضافت خلال مؤتمر صحافي أن إعلان الإصلاحات بشأن حمل السلاح سيتم خلال 10 أيام.
يذكر أن والارهابي الأسترالي البالغ من العمر 28 عاماً، جاهر بكونه فاشياً من دعاة تفوق العرق الأبيض وقد مثل السبت أمام محكمة وجّهت إليه تهمة القتل بعدما أطلق النار داخل مسجدين في كرايست تشرش أثناء صلاة الجمعة، ما أدّى إلى مقتل 50 شخصاً وجرح 50 آخرين.
الى ذلك ورغم تحذير نيوزيلندا من عدم مشاركة تسجيل مجزرة المسجدين، وقيام فيسبوك بحذف 1.5 مليون فيديو، أعاد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان نشره الفيديو، في خطوة يجزم مراقبون بأن الأخير أراد فيها استثمارا انتخابيا في السباق المحلي المقرر نهاية الشهر الجاري.
فالتصرف التركي الذي وصف بالغير أخلاقي، لم تقف نيوزيلندا أمامه مكتوفة الأيدي، إذ هاجمت أردوغان، وحذرته من “تسييس” الاعتداء المروع على المسجدين.
وهو ما جاء على لسان وينستون بيترز، نائب رئيسة الوزراء النيوزيلندية، الذي أعرب عن احتجاجه، محذرا من أن تسييس المجزرة “يعرض مستقبل وسلامة الشعب في نيوزيلندا والخارج للخطر وهو غير منصف إطلاقا”.
وكان أردوغان قد عرض الفيديو، عدة مرات، في تجمعات انتخابية، وذلك قبيل الانتخابات البلدية التي من المقرر عقدها يوم 31 من الشهر الجاري، الامر الذي دفع مراقبين الى ترجيح ارتباط منفذ الهجوم بأجندة تخدم اهداف تركيا بعد فشل مساعيها في الانضمام للاتحاد الأوربي، وتسويق أوهام احياء نفوذ الإمبراطورية العثمانية في واربا.
وردا على أردوغان، لفت نائب رئيسة الوزراء النيوزيلندية، إلى أنه اشتكى مباشرة لدى نائب الرئيس التركي فؤاد أوكتاي ووزير الخارجية مولود تشاوش أوغلو اللذين زارا نيوزيلندا.
وكانت السلطات النيوزلندية قد سارعت إلى العمل لوقف انتشار التسجيل المصور، محذرة من أن تشارك التسجيل يعرض المستخدم للمحاكمة، فيما أزال فيسبوك الصور من مئات آلاف الصفحات.
لكن رغم هذا التحذير النيوزيلندي، قام أردوغان بعرض الفيديو على الملأ أمام المواطنين، والذي أظهر منفذ الهجوم الإرهابي وهو يفرغ رصاصاته الغادرة في أجساد المصلين الأبرياء، في خطوة وصفتها وسائل إعلام تركية وأجنبية بـ”التصرف الشنيع” و”الاستثمار الانتخابي”.
فالرجل الذي يلعب دوماً على وتر التعاطف الدولي عموماً والإسلامي بشكل خاص، استغل الهجوم الإرهابي الذي شهدته نيوزيلندا، الجمعة، واستهدف الأبرياء داخل مسجدين، وأسفر عن سقوط العشرات بين شهيد وجريح، وهو الهجوم الإرهابي الجبان الذي أدانه القاصي والداني.
ورغم ما يتعرض له النظام التركي من تهميش بسبب العداء مع العديد من الدول الإسلامية والعربية والأوروبية، لا يزال أردوغان يحلم بأوهام “الخلافة”، وهو ما يدفعه إلى الظهور بمظهر المدافع وحامي حمى المسلمين في العالم.
خطوة متوقعة من أردوغان الذي لا يترك فرصة إلا ويستغلها لتحقيق مكاسب سياسية، حتى ولو على جثث الآخرين، وعلى حساب قضايا مصيرية تمس دولاً أخرى.
فالاستعراض والانتهازية السياسية التي ينتهجها الرئيس التركي، حسب مراقبين، تأتي في إطار التسويق السياسي لحكمه داخلياً وخارجياً، خاصة مع ما ألحقه بالسياسة الخارجية لبلاده من إضرار بسمعتها في محيطها الإقليمي والدولي، والفشل داخلياً في إدارة الاقتصاد التركي لصالح الأتراك.
محاولة الاستغلال السياسي للهجوم الإرهابي على مسجدين في نيوزيلندا وسقوط ضحايا أبرياء ليست جديدة في سياسات أردوغان، فقد سبقتها انتهازية مماثلة في عدة قضايا يكفي فيها فقط التذكير باستغلال أردوغان وحكومته لأزمتي وفاة الصحفي الراحل جمال خاشقجي وأزمة اللاجئين السوريين.