عواصم ــ وكالات
امهلت مجموعة العمل المالي الدولية “فاتف”، إيران حتى يونيو المقبل، لتكمل إصلاحات تجعلها ملتزمة بالأعراف الدولية، وإلا ستواجه عواقب فيما يتعلق بملف غسل الأموال وتمويل الإرهاب.
وقالت المجموعة المعنية بمكافحة غسل الأموال، في بيان أمس “الجمعة”، أن “مجموعة العمل المالي قررت خلال اجتماعها هذا الأسبوع أن تستمر في تعليق الإجراءات المضادة”
وعبرت المجموعة عن “خيبة أملها” من أن “الجزء الأكبر من خطة التحرك ما زال بانتظار التنفيذ”
وكانت هيئة دستورية عليا في إيران طلبت في أغسطس الماضي، إجراء تعديلات على إجراءات لمكافحة غسل الأموال أقرها البرلمان في الوقت الذي تقترب فيه طهران من موعد نهائي لإصدار تشريع يساعدها على جذب استثمارات بينما تواجه عقوبات أمريكية.
وفي أكتوبر الماضي قالت مجموعة العمل المالي إن طهران أمامها حتى فبراير الجاري لإكمال الإصلاحات وإلا ستواجه تداعيات قد تزيد عزوف المستثمرين عن إيران المتضررة بالفعل من عودة العقوبات الأمريكية.
وتحتل إيران للسنة الثالثة على التوالي بدون منازع الموقع العالمي رقم واحد في “مؤشر بازل لمكافحة غسل الأموال”، الذي يصدر سنويًا عن مؤسسة دولية تحمل الاسم نفسه.
وحدد مؤشر بازل لمكافحة غسل الأموال لعام 2018 إيران كأعلى بلد في العالم من ناحية مخاطر غسل الأموال من بين 149 بلدًا شملتها الدراسة الاستقصائية المتخصصة في رصد مخاطر غسل الأموال وتمويل الإرهاب، وهذا هو الإصدار السنوي الخامس “لمؤشر بازل في مكافحة غسل الأموال”.
وفى سياق متصل انتقدت وكالة “بلومبرج” الأمريكية تأسيس بعض الدول الأوروبية آلية خاصة لتجنيب إيران العقوبات الأمريكية، ووصفتها بأنها “فكرة غير مدروسة ومحكوم عليها بالفشل”.
وقالت “بلومبرج”، في افتتاحية أمس “الجمعة” إن ألمانيا، وفرنسا، وبريطانيا تمادت بتأسيس آلية ذات أغراض خاصة من أجل استمرار العلاقات التجارية مع إيران، الأمر الذي صمم بشكل واضح للالتفاف حول العقوبات الأمريكية، لافتة إلى أن هذه الاستراتيجية “محكوم عليها بالفشل”، وأن إدارة الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، لن تنخدع بها.
وتفكر الدول الثلاث في تأسيس “منشأة ذات غرض خاص” تشبه المقاصة بهدف إخراج إيران من التعقيدات المالية، وفي الوقت ذاته تسمح لها بالتجارة.
وترى الوكالة أن الاتحاد الأوروبي يحاول إرضاء كلا الطرفين في أزمة العقوبات الأمريكية ضد إيران فالدول الأوروبية تعبر عن تضامنها مع مخاوف إدارة ترامب حول التهديد المتزايد الذي تشكله إيران للاستقرار في الشرق الأوسط، ومؤخراً، عبَّر الاتحاد الأوروبي عن قلقه بشأن برنامج الصواريخ الباليستية الإيراني وفي الوقت ذاته، يتغاضى الاتحاد الأوروبي عن جهود الدول الأعضاء به لتفادي القيود الأمريكية المفروضة ضد إيران، الأمر الذي تراه الوكالة محاولة لطمأنة النظام الإيراني باستمرار العلاقات التجارية على الرغم من قرار واشنطن بالانسحاب من الاتفاق النووي لعام 2015.
وقالت بلومبرج: إن الجهود الأوروبية للحفاظ على العلاقات مع طهران لم تمنع قادة إيران من التعامل مع أوروبا بازدراء وأوضحت أنه بعد أيام من تحذيرات الاتحاد الأوروبي بشأن الصواريخ الإيرانية، استعرضت طهران مصنعاً للصواريخ تحت الأرض، وزعمت امتلاكها صاروخًا باليستيا أرض-أرض جديدًا.
وأضافت أن الدول المؤسسة للآلية ذات الغرض الخاص قالت إن الغرض منها هو إمداد إيران بالأدوية المنقذة للحياة والأطعمة الأساسية.
ولكن الولايات المتحدة استثنت المعاملات التجارية ذات الأغراض الإنسانية من العقوبات، حسبما أوضحت “بلومبرج”.
واتفقت الوكالة مع إصرار المسؤولين الأمريكيين على إيقاف الآلية التي أسستها الدول الأوروبية، من خلال التهديد بفرض عقوبات ضد أي شخص أو بنك أو شركة على علاقة بتأسيسها، إذا لزم الأمر.
في غضون ذلك تلتئم للمرة الأولى القمة العربية-الأوروبية، بين جامعة الدول العربية والاتحاد الأوروبي، بمدينة شرم الشيخ المصرية غدا الاحد.
وبحسب دبلوماسيين وخبراء فإن القمة المزمعة، التي ترفع شعار “الاستثمار في الاستقرار”، تشكل “منبرا مهما يسعى من خلاله القادة العرب لدفع دول الاتحاد الأوروبي نحو دور أكبر في تسوية أزمات الشرق الأوسط، خاصة سوريا واليمن وليبيا، وكذلك القضية الفلسطينية”.
وتبقى مواجهة التغلغل الإيراني بالمنطقة، ودعم جهود مكافحة الإرهاب، أولويات عربية تحظى بتوافق واسع، في ظل قلق مستمر من انتشار الجماعات المتطرفة.
ومن المتوقع مشاركة أكثر من 40 رئيس سلطة تنفيذية في القمة، على رأسهم المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل.
وقال المتحدث الرسمي باسم الأمين العام لجامعة الدول العربية، السفير محمود عفيفي، إن “القمة تستهدف بالأساس تعزيز العلاقات العربية الأوروبية في جميع النواحي السياسية والأمنية والاقتصادية، وإيجاد حلول للنزاعات المسلحة في المنطقة العربية، مثل الأزمة السورية واليمنية والليبية، وموضوعات مكافحة الإرهاب واللاجئين”.
ويبدو أن مشروع إعلان القمة، غير المتفق عليه حتى الآن، سيتسع ليشمل جميع قضايا المنطقة، فضلا عن شواغل الاتحاد الأوروبي وعلى رأسها الهجرة غير الشرعية وأزمة اللاجئين.
وبينما رفض عفيفي الإفصاح عن توقعاته بشأنه، أكد أن القمة “ستشكل ساحة للحوار المشترك”.
وسبق أن اعتبرت الخارجية المصرية أن “القمة ستكون شاملة، ولن تقتصر على ملف الهجرة غير الشرعية، بل ستتناول التعاون العربي – الأوروبي، والتحديات المشتركة بين الجانبين، مثل مكافحة الإرهاب والنزاعات الإقليمية”.
فيما اعتبر السفير حسن هريدي، مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق، القمة بمثابة “لقاء تجريبي” أو قمة تمهيدية.. لبحث ما يمكن أن يتفق عليه العرب والأوروبيون في مختلف القضايا ذات الاهتمام المشترك، وتحديد القاسم المشترك فيما بينهم، بما يمكن استغلاله والبدء به”.
ونوه هريدي إلى أن “الدول العربية تذهب إلى قمة شرم الشيخ على أمل ايجاد أرضية مشتركة فيما بينها وبين قادة أوروبا تجاه كافة الملفات، وعلى رأسها تسوية النزاع في سوريا، في ظل توغل تركي إيراني، وكذلك الأمر في ليبيا”، التي تشهد صراع نفوذ فرنسي – إيطالي وخلافات حول إجراء انتخابات.
وأضاف: إن مسألة عودة اللاجئين السوريين وإعادة إعمار سوريا، ستكون محل تفاوض بالطبع، مع الوضع في الاعتبار الموقف الأمريكي الداعي لضرورة الانتظار لحين تسوية الأوضاع السياسية في دمشق، والمطالب الأوروبية بالبدء في عملية إعادة الاعمار قبل بدء عملية انتقال سياسي.
وتابع : الدول العربية تعتزم مطالبة دول الاتحاد الأوروبي بدور أكثر فاعلية إزاء دعم جهود مكافحة الإرهاب في المنطقة وتجفيف منابعه ومواجهة مموليه، وكذلك محاصرة التمدد الإيراني، باعتبارها مطالب تتفق وسياسية الاتحاد الأوروبي أيضا وهو ما أكده السفير جمال بيومي، مساعد وزير الخارجية الأسبق، الذي اعتبر “الوقوف في مواجهة التمدد الإيراني في المنطقة، أحد أهم المطالب العربية خلال القمة”، باعتبار أن استقرار المنطقة وأمنها هما محور رئيسي في المناقشات، والذي يتضمن أيضا إيجاد حلول للنزاعات المسلحة.