لقد وصلني من إحدى الصديقات فيديو جميل يتحدث فيه رجل تسعيني عن سر لياقته الصحية ، حيث قال أن والده أوصاه حين كان طفلاً صغيراً أن لا يقول عن أحد أنه يكرهه بل يستبدلها بكلمة أنا غير معجب به ،( Do not say :I hate this person, but better say I do not like him (وحثه أيضاً على التضحية والعطاء لأن المتعة فيها تفوق متعة الأخذ والانتفاع ، وأن السر في سعادته هو وجود زوجة رائعة إلى جانبه وأصدقاء كثر من حوله ، وأن الله كافأه بالأولاد والأحفاد وأبناء الأحفاد ومنحه الحياة الوادعة التي انعكست على حيوية جسمه ونضارة محياه.
الحب شيء جميل واحساس رقيق وشعور نظيف تجاه الآخرين ، الحب هو الملاذ الآمن ، الحب لا يصنعه المال ولا تجلبه الشهرة وقد لا ينمو في البيوت الفارهة بل يقوى في بيوت من صفيح وطين ، وما أدل على ذلك من بوح الإعرابية ميسون بنت بحدل زوجة الخليفة الأموي معاوية بن أبي سفيان، حين قالت :
لَبَيْتٌ تخفِقُ الأرياحُ فيه …أحبُّ إليَّ من قصرٍ مُنيفِ.
أما الكراهية والبغضاء والعداوة وسوء الخلق فهي مفردات لا تلتقي مع قيم الحب والتسامح على الاطلاق ، فلا يمكن للأم التي تجسد أسمى معاني الايثار أن تكره فلذات أكبادها وترمي بهم إلى غياهب الجب حين يشتد بها العطش ، ولا يمكن أن يتفوق الطالب في دراسته إلا عندما يعشق معلمه ، ولا تستقيم تربية أي طفل إلا في كنف اسرة متماسكة تتفانى في حبه ورعايته ، ولا يمكن لأي مشروع أن ينجح إلا حين يعمل القائمون عليه بمحبة وبروح الفريق الواحد ، ولا يمكن لجذوة الشوق أن تنطفئ ويخمد لهيبها إلا حين الالتقاء بالأحبة ، ولا يمكن لمجتمع أن ينهض ويتقدم ولغة الكراهية والتخوين هي وعاء ثقافته ، ولا يمكن لبلد أن ينتصر على أعدائه إذا لم يحبه مواطنوه ويذودون عن حياضه بكل غال وثمين .
لقد تفككت الأسر وتصدعت العلاقات العائلية بسبب فقدان الألفة والمحبة بين أفرادها وبسبب الأنانية وحب التملك الذي استحكم في نفوس البعض منها ، الأمر الذي فاقم في مشاكلهم وعطل مصالحهم ثم دفعهم للجوء إلى المحاكم لاسترداد حقوقهم بقوة القانون ، غير آبهين بقوة الصلح الذي اثبت على مر الزمان أنه سيد الأحكام وأن تأصيله بين المتخاصمين هو أفضل خيار وأقصر طريق لحل الخلافات وضمان الاستقرار.
لا بد من تعزيز قيم الحب ومقت الكراهية ، ولا بد أن نستظل بظلال هذا الحب المعجزة الذي يسعد البشرية ويزهو بالبلاد ويعلو شأن الانسان .
” ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ.” صدق الله العظيم