جدة – البلاد
بعد أداء مهمتها الوطنية بنجاح وافق المقام السامي الكريم على انتهاء عمل اللجنة العُليا لقضايا الفساد العام ، لتطوي بذلك ملفاتها بعد 452 يوما من تشكيلها بأمر ملكي كريم في عام 1439 هـ ، وقد حسمت أكبر قضية فساد اتساعا وحجما ، باسترداد حق الوطن وإعادة 400 مليار ريال إلى خزانة الدولة ، حيث اطلع خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود ـ حفظه الله ـ على التقرير المقدم من صاحب السمو الملكي ولي العهد رئيس اللجنة العُليا لقضايا الفساد العام ، المتضمن أن اللجنة أنجزت المهام المنوطة بها وفق الأمر الملكي ،
وحققت الغاية المرجوة من تشكيلها ، وشكر – حفظه الله – سمو رئيس اللجنة وأعضاءها وفرق العمل المنبثقة عنها على ما بذلوه من جهد وحرص، مؤكداً استمرار الدولة على نهجها في حماية النزاهة ومكافحة الفساد والقضاء عليه، وردع كل من تسول له نفسه العبث بالمال العام والتعدي عليه واستباحة حرمته.
أكدت اللجنة العليا في مقاصدها توخي العدالة وتحقيق النزاهة والشفافية بإعلانها نتائج عملها بالحقائق التالية:
– تم استدعاء ( 381 ) شخصاً، بعضهم للإدلاء بشهاداتهم، وجرى استكمال دراسة كافة ملفات المتهمين ومواجهتهم بما نسب إليهم.
– تمت معالجة وضعهم تحت إشراف النيابة العامة، وقد تم إخلاء سبيل من لم تثبت عليهم تهمة الفساد.
– إجراء التسوية مع ( 87 ) شخصاً بعد إقرارهم بما نسب إليهم وقبولهم للتسوية.
– تم إحالة ( 56 ) شخصاً إلى النيابة العامة لاستكمال إجراءات التحقيق معهم وفقاً للنظام حيث رفض النائب العام التسوية معهم لوجود قضايا جنائية أخرى عليهم.
– بلغ عدد من لم يقبل التسوية وتهمة الفساد ثابتة بحقه ( 8 ) أشخاص فقط وأُحيلوا كذلك إلى النيابة العامة لمعاملتهم وفق المقتضى النظامي.
– نتج عن ذلك استعادة أموال للخزينة العامة للدولة تجاوزت في مجموعها ( 400 ) مليار ريال متمثلة في عدة أصول من عقارات وشركات وأوراق مالية ونقد وغير ذلك.
نقطة الانطلاق
وكان قد صدر أمر ملكي في 15 / صفر / 1439 هـ / الموافق 4 نوفمبر 2017 م ، بتشكيل لجنة عليا برئاسة سمو ولي العهد لحصر قضايا الفساد العام ، تصدرت مقدمته الهامة تأكيد الملك المفدى على إلمام دقيق بحجم وقائع فساد والحزم في التصدي له وتطبيق العدالة لاسترداد أموال الدولة . حيث قال – حفظه الله – في صدارة الأمر الملكي الكريم:
نظراً لما لاحظناه ولمسناه من استغلال من قبل بعض ضعاف النفوس الذين غلبوا مصالحهم الخاصة على المصلحة العامة، واعتدوا على المال العام دون وازع من دين أو ضمير أو أخلاق أو وطنية، مستغلين نفوذهم والسلطة التي اؤتمنوا عليها في التطاول على المال العام وإساءة استخدامه واختلاسه متخذين طرائق شتى لإخفاء أعمالهم المشينة، ساعدهم في ذلك تقصير البعض ممن عملوا في الأجهزة المعنية وحالوا دون قيامها بمهامها على الوجه الأكمل لكشف هؤلاء مما حال دون اطلاع ولاة الأمر على حقيقة هذه الجرائم والأفعال المشينة.
وأضف – رعاه الله -: وقد حرصنا منذ تولينا المسؤولية على تتبع هذه الأمور انطلاقاً من مسؤولياتنا تجاه الوطن والمواطن، وأداء للأمانة التي تحملناها بخدمة هذه البلاد ورعاية مصالح مواطنينا في جميع المجالات، واستشعاراً منا لخطورة الفساد وآثاره السيئة على الدولة سياسياً وأمنياً واقتصادياً واجتماعياً، واستمراراً على نهجنا في حماية النزاهة ومكافحة الفساد والقضاء عليه، وتطبيق الأنظمة بحزم على كل من تطاول على المال العام ولم يحافظ عليه أو اختلسه أو أساء استغلال السلطة والنفوذ فيما أسند إليه من مهام وأعمال نطبق ذلك على الصغير والكبير لا نخشى في الله لومة لائم، بحزم وعزيمة لا تلين، وبما يبريء ذمتنا أمام الله سبحانه ثم أمام مواطنينا، مهتدين بقوله تعالى: (ولا تبغ الفساد في الأرض إن الله لا يحب المفسدين) وقوله صلوات الله وسلامه عليه: (إنما أهلك الذين قبلكم أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد، وأيم الله لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها) ، ولما قرره علماء الأمة من أن حرمة المال أعظم حرمة من المال الخاص بل وعدوه من كبائر الذنوب، وقد قال الله تعالى: (ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل)، وإيماناً منا بأنه لن تقوم للوطن قائمة ما لم يتم اجتثاث الفساد من جذوره ومحاسبة الفاسدين وكل من أضر بالبلد وتطاول على المال العام.
وتضمن الأمر الملكي الآتي:
أولاً: تشكيل لجنة عليا برئاسة صاحب السمو الملكي ولي العهد، وعضوية كل من: رئيس هيئة الرقابة والتحقيق، ورئيس الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد، ورئيس ديوان المراقبة العامة، والنائب العام، ورئيس أمن الدولة.
ثانياً: استثناءً من الأنظمة والتنظيمات والتعليمات والأوامر والقرارات تقوم اللجنة بالمهام التالية:
1ـ حصر المخالفات والجرائم والأشخاص والكيانات ذات العلاقة في قضايا الفساد العام.
2 ـ التحقيق، وإصدار أوامر القبض، والمنع من السفر، وكشف الحسابات والمحافظ وتجميدها، وتتبع الأموال والأصول ومنع نقلها أو تحويلها من قبل الأشخاص والكيانات أياً كانت صفتها، ولها الحق في اتخاذ أي إجراءات احترازية تراها حتى تتم إحالتها إلى جهات التحقيق أو الجهات القضائية بحسب الأحوال.
3 ـ اتخاذ ما يلزم مع المتورطين في قضايا الفساد العام واتخاذ ما تراه بحق الأشخاص والكيانات والأموال والأصول الثابتة والمنقولة في الداخل والخارج وإعادة الأموال للخزينة العامة للدولة وتسجيل الممتلكات والأصول باسم عقارات الدولة، ولها تقرير ما تراه محققاً للمصلحة العامة خاصة مع الذين أبدوا تجاوبهم معها.
ثالثاً: للجنة الاستعانة بمن تراه ولها تشكيل فرق للتحري والتحقيق وغير ذلك، ولها تفويض بعض أو كامل صلاحياتها لهذه الفرق.
رابعاً: “عند اكمال اللجنة مهامها ترفع لنا تقريراً مفصلاً عما توصلت إليه وما اتخذته بهذا الشأن.
خامساً: يبلغ أمرنا هذا للجهات المختصة لاعتماده، وعلى جميع الجهات المعنية التعاون التام لإنفاذ ما تضمنه أمرنا هذا”.
نقلة نوعية
لقد شكّل الأمر الملكي نقلة نوعية في مكافحة الفساد في المملكة، وحظى بأصداء وترحيب داخلي واهتمام عالمي باعتباره عناونا قويا وحازما في حرب المملكة على الفساد وصلابة المنطلقات الشرعية والتشريعية، وفي إطار تكريس دولة القانون وفق المعايير الدولية، وتفعيل أنظمة مكافحة الفساد، ترجمة للإرادة السياسية وعزم القيادة – حفظها الله – على استئصال الفساد بكل اشكاله ومحاسبة المتورطين فيه أيا كانوا وتطبيق العدالة الناجزة بحق من تثبت ادانتهم ،وتعزيز مبادئ وقيم العدل والنزاهة بكل عزم وإصرار ، وانطلاق مرحلة جديدة ترتكز على الشفافية المطلقة وفق مكانة الوطن ومبادئه وبما يليق ودوره المؤثر سياسيا واقتصاديا في العالم وكعضو فاعل في مجموعة العشرين الأقوى اقتصادا في العالم، وفي هذا قفزت المملكة إلى ترتيب متقدم ضمن قائمة أفضل دول العالم في مؤشر مدركات الفساد الذي تصدره منظمة الشفافية الدولية، وكذلك على صعيد دول مجموعة العشرين حيث جاءت في الترتيب الحادي عشر في في مكافحة الفساد.
فالمملكة ومن خلال رؤيتها (2030) عازمة على أن تكون الشفافية ومكافحة الفساد والمساءلة مرتكزات أساسية لتحقق التنمية الشاملة ، وفي مقدمة ذلك موقف المملكة الراسخ المستمد من الشريعة الإسلامية السمحة في نبذ ممارسات الفساد ومكافحته، وتأكيد خادم الحرمين الشريفين – حفظه الله – على أن “المملكة لا تقبل فساداً على أحد ولا ترضاه لأحد ولا تعطي أياً كان حصانة في قضايا الفساد».
لقد انصب عمل اللجنة في ضمان حقوق الدولة وحماية المال العام، ومن ثم تعزيز ثقة المتعاملين ببيئة الأعمال التجارية والاستثمارية في المملكة ، حيث قامت اجراءات اللجنة العليا وفق الأسس النظامية المرتكزة على العدالة والمساواة وحماية حقوق الأفراد والجهات الاعتبارية والمال العام، وبذلك كرست المملكة بهذه القرارات نهجاً قويا من الشفافية والنزاهة والمحاسبة.
هذا النهج الواضح والعزيمة القوية في محاربة الفساد والقرارات التي تم اتخاذها ، رحب بها المواطنون تقديرا وتأييدا ، كما ثمنته عاليا الأمانة العامة لهيئة كبار العلماء ، حيث أكدت أن خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز – حفظه الله – منذ توليه سدة الحكم جعل محاربة الفساد والمفسدين في مقدم أولوياته، من دون أي تهاون مع الفساد بكل مستوياته، مالياً وإدارياً، بما يبرئ الذمة أمام الله تعالى ثم أمام شعبه. واعتبرت الأمر الملكي أمراً إصلاحياً تاريخياً لمصلحة بلاده وشعبه، والمحافظة على مقدرات الوطن ومكتسبات الأمة ، معتبرة أن مكافحة الفساد لا تقل أهمية عن مكافحة الإرهاب.
واعتبر كثير من المراقبين محليًا وعالميًا، أن هذا التوجه ذو أثر عظيم على التنمية، نظرًا لأنه بدأ المكافحة من الأعلى إلى الأسفل، حيث لم يستثنِ اميرا ولا وزيرًا ولا أي مسؤول مهما كان موقعه، ووضع الجميع سواسية، فضلاً عن معالجته هذا الملف بالحكمة والمسئولية من خلال النظر في التسويات التي تعتبر نهجًا عالميًّا لمثل هذه الحالات.
سر نجاح اللجنة
عقب الأمر الملكي بتشكيل اللجنة العليا وانطلاق عملها في حينه فورا، وفي اطار الأصداء العالمية واهتمامها الدقيق بهذه الإرادة القوية من القيادة الرشيدة لإتمام عمل اللجنة، أجرى صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز ، حوارا مع صحيفة (نيويورك تايمز) بشأن تفاصيل هذه الخطوة، وضع سموه النقاط فوق الحروف في اجاباته على تساؤلات الصحيفة والتي أضاءت الكثير عن توجه المرحلة في خطى المملكة بقيادة الملك سلمان بن عبد العزيز وولي عهده الأمين – حفظهما الله – تجاه كل مايعكس بجلاء نهجها الأصيل وثوابتها في تحقيق العدل والحفاظ على مكتسبات الدولة والمال العام وحق الوطن ومصلحة المواطن في نزاهة حقيقية ترتكز عليها التنمية المستدامة دون أن تنهش فيها ثغرات الفساد وتهدر القدرات والامكانات الكبيرة للمملكة.
ومن الحقائق الهامة التي أكد عيها سمو ولي العهد: – أن خادم الحرمين الشريفين وضع هذا الملف على سلم أولوياته منذ اليوم الأول لتسلمه مقاليد الحكم، وأنه حرص على ألا يكون الفساد عاملاً مهددًا للوطن.
– أن بلادنا «عانت بلادنا كثيراً بسبب الفساد الذي كان يبتلع نحو عشرة في المائة من مجموع الإنفاق الحكومي سنويًا، وقد شنّت الحكومة أكثر من حرب على الفساد، لكنها باءت كلها بالفشل.. لأنها “بدأت جميعها من الأسفل نحو الأعلى”.
– شدد سموه في الحوار الذي أجراه الصحافي الأمريكي توماس فريدمان على أنه «عندما تسلّم الملك سلمان السلطة تعهّد بوضع حد للفساد»، كما قال سمو ولي العهد مضيفاً: «رأى الملك أنه يتعذر علينا، مع هذا المستوى من الفساد، البقاء في مجموعة العشرين وتحقيق النمو والتطور.
– وقال ولي العهد: في مطلع العام 2015، من أولى الأوامر التي أصدرها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز – حفظه الله – لفريق عمله جمع كل المعلومات عن الفساد -في أعلى الهرم. عمل الفريق على امتداد عامين جمع خلالها المعلومات الأكثر دقة، ثم وضع قائمة بنحو مئتَي اسم». وعندما أصبحت كل البيانات جاهزة، تحرّك المدعي العام، شارحاً أنه عُرِض خياران على كل واحد من أصحاب الثروات المشتبه بهم بعد توقيفهم ، أطلعناهم على كل الملفات التي بحوزتنا، وما إن رأوها حتى وافق نحو 95 في المائة منهم على التوصل إلى تسوية»، والمقصود بذلك التوقيع على تسليم أموال نقدية أو حصص في شركاتهم إلى خزينة الدولة .
وأضاف سموه : «تمكّن نحو واحد في المائة من إثبات نظافة كفّهم، وجرى إسقاط القضايا بحقهم على الفور. ويقول حوالي أربعة في المائة إنهم ليسوا فاسدين ويريدون التوجّه إلى المحكمة مع وكلائهم القانونيين. بموجب القانون السعودي، يتمتع المدعي العام بالاستقلالية. لا يمكننا التدخل في عمله- يستطيع الملك إقالته، لكنه هو من يقود العملية.. ولدينا خبراء يحرصون على عدم تعرّض أي شركة للإفلاس نتيجة هذه الإجراءات» – تجنباً للبطالة.
– عندما سأله فريدمان: ما المبالغ التي ستتم استعادتها؟ أجاب ولي العهد:” إن المدعي العام يقول إنها قد تصل إلى «نحو مائة مليار دولار في إطار التسويات». ولفت إلى أنه يستحيل استئصال جميع أشكال الفساد من أعلى الهرم إلى أسفله، وأضف ولي العهد: ” إن الملاحقة تطال «أولئك الذين سحبوا الأموال من الحكومة بواسطة تضخيم الفواتير والحصول على عمولات.
أما الصحافي الأمريكي فأكد في ختام الحوار بقوله «الرهانات عالية بالنسبة إلى الأمير محمد بن سلمان في هذه الحملة لمكافحة الفساد. إذا شعر الرأي العام بأنه يعمل فعلاً على تطهير الفساد الذي كان يتسبب بتقويض ركائز المنظومة، وأنه يفعل ذلك بطريقة شفافة، وبأنه يعلن بوضوح للسعوديين والأجانب الذين يفكّرون في الاستثمار في البلاد مستقبلاً بأن سيادة القانون ستسود، فسيضخ ذلك حقاً قدراً كبيراً من الثقة الجديدة في المنظومة.
** مراحل المهمة وانجازاتها
وكان النائب العام عضو اللجنة العليا لمكافحة الفساد المشكلة قد أصدر بيانًا لاحقا بشأن أعمال اللجنة وسير التحقيقات حتى الخامس من ديسمبر 2017 م جاء فيه:
ـ بلغ عدد الأشخاص الذين استدعتهم اللجنة (320) شخصاً، حيث تم استدعاء أشخاص إضافيين بعد البيان الصادر بتاريخ 20-2-1439هـ، الموافق 9 نوفمبر 2017م، بناءً على المعلومات التي أدلى بها الموقوفون، وذلك لتقديم ما لديهم من معلومات إضافية.
ـ قامت اللجنة بإحالة عدد منهم للنيابة العامة، وبهذا أصبح عدد الموقوفين حتى تاريخه (159) شخصاً.
ـ معظم من تمت مواجهتهم بتهم الفساد المنسوبة إليهم من قبل اللجنة وافقوا على التسوية، ويجري الآن استكمال الإجراءات اللازمة بهذا الشأن.
ـ قامت النيابة العامة بدراسة ملفات من أحيلوا إليها وفقاً للإجراءات النظامية ذات العلاقة، وقررت التحفظ على عدد محدود منهم وأفرجت عن البقية.
ـ بلغ عدد المحجوز على حساباتهم البنكية حتى تاريخه (376) شخصاً من الموقوفين أو الأشخاص ذوي الصلة.
وفي هذا السياق، أكد النائب العام أن الجهات المعنية ستستمر بمراعاة عدم تأثر أو انقطاع أي أنشطة متعلقة بأصول وأموال الموقوفين أو الحقوق المتعلقة بها لأطراف أخرى، لاسيما الشركات والمؤسسات، وأنه قد تم اتخاذ ما يلزم لحماية المؤسسات والشركات المملوكة كلياً أو جزئياً لأي من الموقوفين، كما تم تمكين الشركاء والإدارات التنفيذية في تلك الشركات والمؤسسات من مواصلة أنشطتها ومعاملاتها المالية والإدارية دون أي تأثير.
كما أوضح معالي النائب العام في هذا السياق أيضاً أن الإجراءات المتبعة في التعامل مع هذه القضايا تتم على مرحلتين هما:
المرحلة الأولى: مرحلة التفاوض والتسوية: تستند هذه المرحلة نظاماً على ما قضى به الأمر الملكي، المشار إليه أعلاه، من أن للجنة تقرير ما تراه محققاً للمصلحة العامة، خاصة مع الذين أبدوا تجاوبهم معها، وبناءً عليه فقد اتبعت اللجنة أساليب مطبقة عالمياً في التعامل مع هذه الحالات وذلك بالتفاوض مع الموقوفين بتهم الفساد لديها، وعرض اتفاقية تسوية عليهم تسهل استعادة أموال الدولة وتختصر إجراءات التقاضي التي تأخذ عادة وقتاً يطول أمده. ومن المتوقع أن تنتهي هذه المرحلة خلال أسابيع.
وتجدر الإشارة إلى أن جميع الموقوفين متاح لهم التواصل مع من يرغبون التواصل معه في هذه المرحلة، ولا يتم بأي شكل من الأشكال التأثير على إرادة أي منهم، ويحق للموقوف رفض التسوية في أي وقت قبل توقيعها، وبناءً عليه فإنه يتم في هذه المرحلة ما يلي:
ـ مواجهة الموقوف بما هو منسوب إليه، فإن أقر به بكامل اختياره ورضاه تم الاتفاق معه على تسوية تدفع للدولة مقابل قيام اللجنة بالتوصية بصدور عفو عن حقوق الدولة عليه المتعلقة بما نسب إليه من تهم فساد، وانقضاء الدعوى الجزائية. ويتم بناءً على ذلك توقيع اتفاقية تسوية تتضمن ما أُشير إليه.
ـ في حال عدم التوصل إلى تسوية أو إنكار الموقوف ما نسب إليه، يتم إحالته إلى النيابة العامة لاستكمال الإجراءات النظامية بحقه.
المرحلة الثانية: مرحلة الإحالة إلى النيابة العامة: تدرس النيابة العامة قضية المحال إليها من اللجنة وتستكمل الإجراءات النظامية المتمثلة بما يلي:
ـ مواصلة التحقيق مع المتهم ومواجهته بالأدلة والمعلومات التي توافرت عن ارتكابه لجرائم فساد، وذلك وفقاً لإجراءات التحقيق التي نص عليها نظام الإجراءات الجزائية.
ـ البت في أمر الإيقاف على ذمة التحقيق، فإذا كانت الأدلة تسوّغ الاستمرار في إيقافه فيتم ذلك وفقاً للمدد المحددة نظاماً، والتي تصل إلى ستة أشهر وفقاً لصلاحيات النائب العام، أو يتم التمديد لمدد أكثر من ذلك في الحالات الاستثنائية بقرار من المحكمة المختصة.
ـ تقوم النيابة العامة بإطلاق سراح المتهم بمجرد انتهاء التحقيق بأن الأدلة ضد الموقوف غير كافية وأنه لا وجه للسير في الدعوى ضده، وإلا فيتم رفع الدعوى ضده وفقاً للإجراءات النظامية.
وختاماً، أكد النائب العام مرة أخرى أن نظام الإجراءات الجزائية كفل للمتهم عدداً من الحقوق، التي منها -على سبيل المثال لا الحصر- الحق في الاستعانة بوكيل أو محام في مرحلتي التحقيق والمحاكمة، والحق في الاتصال بمن يريد إبلاغه بإيقافه، والحق في عدم توقيفه أكثر من ستة أشهر إلا بقرار من المحكمة المختصة، وأنه يحظر إيذاؤه جسدياً أو تعرضه للتعذيب أو المعاملة المهينة للكرامة.
نظام مكافحة الرشوة
ومن القرارات المهمة التي اتخذتها المملكة لتعزيز النزاهة ، تعديل بعض مواد نظام مكافحة الرشوة لتتسع بذلك دائرة تجريم العديد من أعمال جريمة الرشوة، وإضافة بعض فئات الموظفين إلى الموظف العام ومن في حكمه مما لم يكن النظام سابقاً يتناولها، وكذلك حماية الشهود لضمان تحقيق العدالة في التصدي لتلك الجرائم.
وهكذا تستمر المملكة بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود وسمو ولي عهده – أيدهما الله – ماضيةً بكل جدية في دفع عجلة الإصلاح ومحاربة الفساد بكل صوره، وترسيخ الشفافية والنزاهة ، وانعكست إيجابياتها على جميع مرافق الدولة ومعدلات الأداء والحفاظ على موارد الدولها والمال العام وحسن ادارته، وانجاز المشروعات الكبرى في مختلف القطاعات لتنويع مصادر الدخل الوطني تنفيذا لأهداف رؤية 2030 على أرض الواقع للحاضر ومستقبل الأجيال وتعزيز قدرات ومكانة المملكة السياسة والاقتصادية ورخاء شعبها الوفي.