جدة – ابراهيم المدني
أثبت عدد من المحامين والقانونيين أن العقد الشفهى بين طرفين يؤخذ به في القانون بالمملكة العربية السعودية ، شريطة توفر أدلة ثبوتية حتى ولو كانت من خلال رسائل مواقع التواصل الاجتماعي مثل الواتساب وغيرها، مع التشديد على أنه لن يضيع حق ووراءه مطالب فى دولة القانون بالمملكة ، بينما اشتكى عدد من المواطنين أصحاب المؤسسات التي ابرموا معها هذا النموذج من العقود (الشفهية ) عدم الحصول على حقوقهم في ظل عدم توثيقها أو كون المبالغ المستحقة لهم عند أرباب العمل ليست كبيرة بالقدر الكافي ولا تستحق المتابعة الطويلة في المحاكم وإضاعة الوقت .
“البلاد” استطلعت في البداية آراء المتضررين فى هذه القضية ، حيث أكد المنسق الإعلامي جمعة خياط تعرض عدد من المنسقين الإعلاميين والمتطوعين الشباب إلى ظلم من القائمين على بعض الفعاليات خاصة التي تقام في الإجازات وتتضمن فعاليات توعوية وتثقيفية وترفيهية للأسر في جدة في حين يلزم النظام دفع الراتب مضاعفا من الجهة التي تقوم بتأخير رواتب ومكافآت منسوبيها.
ولفت “خياط” إلى أنه في صيف العام الماضي اتفق مع المشرف على إحدى الفعاليات التي أقيمت على كورنيش جدة على التغطية الإعلامية في الصحف الورقية والالكترونية وتم توقيع عقد بذلك والتزم بالشروط وبعد مرور أسبوع فوجئ بإلغاء العقد من قبلهم وبعد الاستفسار، قال المشرف إن الإدارة الحكومية لم توافق على العقد لذلك تم فسخه من جانبها.
وأضاف قائلا :”راجعت الإدارة الحكومية التي تشرف على فعاليات المهرجان وللأسف لم أجد لديهم أية إجابات مقنعة فمنهم من يحيلني للمشرف على المهرجان والآخر يؤكد أن قرار الإلغاء صادر من جهتهم وضاع حقي بينهم بل إن المتطوعين الشباب الذين ساهموا في التنظيم لم يحصلوا على المكافآت التي وعدهم بها القائم على الفعاليات”.
وطالب “خياط “بضرورة إيجاد حلول لتحقيق العدالة خاصة من جهة المؤسسات والمنظمين للفعاليات التي لازالت بحاجة لإعادة نظر ودراسة من قبل الجهات المختصة لضمان حصول كافة الأطراف على حقوقها كاملة.
تجاهلوا حقوقي
من جهته روى عبدالله الغامدي منسق اعلامي موقفين تعرض خلالهما للظلم وتجاهل حقوقه المادية، قائلاً :”اتفقت مع مؤسسة متخصصة في مجالات التقنية على تغطية معرض لها أقيم قبل فترة في جدة وكان الاتفاق ينص على نشر أخبار عن المعرض يومياً في الصحف المحلية إضافة لصحيفة واحدة تصدر من خارج المملكة كما نص الاتفاق على تخصيص مبلغ للإعلانات التجارية في الصحف”.
وأضاف الغامدي أنه كان من المفترض حسب الاتفاق أن يتم الإعلان في الصحف ولكن للأسف لم يتم نشر أي إعلان حسب الاتفاق مما سبب له حرجاً كبيراً مع الصحف خاصة وأن كل المعلومات المتداولة عن المعرض تجارية ومع ذلك ساهم بعلاقاته مع الصحف في نشر مجموعة من الأخبار.
وتابع أنه في نهاية المعرض دخل في دوامة مع القائمين على المعرض بعدما ادعوا بأن المعرض لم يحقق الأهداف المرجوة التي أقيم من اجلها وأنهم خسروا مبالغ كبيرة ويتعذر عليهم صرف أي مبلغ حسب الاتفاق المبرم معهم ، لافتاً إلى أنه حتى اليوم لازال في مراجعات للمؤسسة للبحث عن حقوقه وحقوق من عملوا معه.
ويمضي الغامدي في حديثه لـ”البلاد” قائلاً: أما الموقف الثاني فكان مع مسؤول في جهة حكومية خدمية طلب تكثيف التغطية الإعلامية لفعاليات نفذتها إدارته في فصل الربيع وقدمت خلاصة خبرتي وجهدي وحققت نتائج ايجابية فاقت توقعات المسؤول الحكومي.
وبعد الانتهاء من الفعاليات وعدني بالصبر أياما لاعتماد مصاريف الفعاليات والمكافآت لعدد من العاملين وحتى حينه لم استلم ريالاً واحداً وعندما اتصل به يطلب مني الصبر والانتظار حيث أن الاعتمادات الحكومية تأخذ وقتاً وفق حديثه”. وطالب الغامدي الجهات المعنية إيجاد حلول لمعاناة كثير من الأشخاص الذين يعملون بعقود شفاهية ولا يحصلون على حقوقهم بعد انتهاء المناسبة أو العمل.
العقد الموثق
وعلق الاعلامي عبدالرحمن المرشد قائلاً: “ربما يكون القاضي أستند على حكم شرعي بهذا الخصوص ، وإذا كان الأمر كذلك يجب أن نسلم بهذا الأمر ولا أعلم حقيقة ما هو الحكم الشرعي للعقد الشفهي هل هو ملزم أو غير ملزم، أما إذا كان القاضي استند على العرف، فالمسألة فيها أخذ ورد كون صاحب العمل ربما يحضر شخصا للعمل لديه لمدة سنة وبعد مرور ستة أشهر قد يخسر العمل أو يسافر رب العمل أو غيرها من الأسباب فهنا يجب أن يعطيه أجرة المدة التي عملها، ولو رغبت الشركة في الاستغناء لا بد ان تعطي العامل او الموظف راتب شهرين فقط و تفسخ العقد”. على ان يستلم كامل حقوقه ورواتبه.
من ناحية أخرى ، أكدت المستشارة القانونية هالة الحكيم أنه بشهادة الشهود يستطيع أي شخص أن يأخذ حقه بالقانون، في حال أثبت ذلك عن طريق رسائل الواتس أب، أو المراسلات البريدية، ويعد العقد الشفهي التزاما كالعقد المكتوب تماما بمواد القانون.
وفي ذات السياق علق المحامي سليمان خالد حلواني أن حكم القاضي لا غبار عليه،كون العقد ملزما للطرفين ، لأن من الأمور التي توجب فسخ العقد من قبل صاحب العمل مع إعطاء العامل فرصته في إبداء اعتراضه أن يحصل من العامل اعتداء على صاحب العمل أو أحد العاملين أو أحد رؤسائه في العمل، واذا لم يؤد العامل التزاماته العملية الجوهرية التي من اجلها تم التعاقد معه، وإذا لم يلتزم العامل بالتعليمات الداخلية داخل الكيان او المنشأة التي يعمل بها والتي وضعت داخل مكان مرئي في مكان العمل وواضح للجميع والتي يعد الإخلال بها تهديدا لأمن وسلامة العاملين في كيان العمل.
وأضاف “الحلوانى” إذا قام العامل بأي سلوك عدواني سيّء تجاه صاحب العمل أو احد أفراد هذه المنشأة، وإذا صدر منه اَي تصرف مخل بالشرف والأمانة وصدر عليه حكم يثبت ذلك ويدينه بهذا الجرم، وإذا قام العامل بأي تصرف يلحق خسارة مادية بصاحب العمل متعمدا ذلك، وإذا ثبت على العامل استغلاله لوظيفته وخيانته للأمانة الوظيفية فذلك يعد أيضا مما يوجب فسخ هذا التعاقد.
وحول الأمور التي توجب فسخ العقد من قبل العامل قال حلواني: ” إذا لم يقم صاحب العمل بالالتزام بشروط هذا العقد من التزام مادي أو غيره من الأمور التي تم الاتفاق عليها بموجب العقد، و إذا اكتشف العامل دخول رب العمل في أية أعمال غير مشروعة مستغلا كيان العمل للتستر على هذه الأعمال، وإذا اكتشف العامل دخول رب العمل في أية أعمال من قبيل الغش التجاري وغيرها ولأي غاية سواء لتوفير مادي عليه أو لتسويق منتجه أو الخدمة التي يقدمها او أية أمور من هذا القبيل، وإذا بدر من صاحب العمل أو احد أفراد أسرته سلوك يتصف بالعدوانية تجاه العامل أو احد أفراد أسرته وإذا كان في مكان العمل خطر جسيم يهدد أمن وسلامة العامل شريطة علم صاحب العمل بذلك وتجاهله للأمر،
أما ما يتعلق بإثبات العامل حقه فذلك معتمد على ما يقدمه العامل من مستندات او أي أمور اخرى بحوزته ، وفِي حال لم يتوفر لديه اَي مستند او إثبات يثبت غرضه من هذا المستند فوسائل الإثبات معروفة وبينة،ومنها الإقرار اَي إقرار صاحب العمل بالغرض او الأمر أو الحق الذي يطالب به العامل ، شهادة الشهود، اليمين من صاحب العمل او من العامل حال ردها عليه من قبل صاحب العمل .
وعلق المحامي ناصر بن منصور الكنعاني أن المادة (51) اشترطت من نظام العمل أن يكون عقد العمل مكتوبا ، إلا أن المادة القانونية اعترفت بالعقد الشفهي وذلك حفاظا على حقوق العامل من التغول عليها من جانب صاحب العمل وللعامل إثبات عقد العمل بكافة طرق الإثبات بما فيها شهادة الشهود فالعقد الشفهي لا يختلف عن العقد المكتوب في ترتيب آثاره النظامية والحقوق التي نشأت للعامل بموجبه.
وأكد أنه يلاحظ أن النظام أعطى حق إثبات العقد الشفهي للعامل فقط وليس لصاحب العمل ، وذلك لفرض مزيد من الحماية لحقوق العامل ، كما أن المادة (37) من نظام العمل اعتمدت رخصة العمل للعامل غير السعودي ، كمدة لعقد العمل في حال خلو العقد من بيان مدته. واختتم حديثه قائلاً: نخلص من كل ذلك إلى أن الحكم المشار إليه جاء متفقا تماما مع روح ونص نظام العمل السعودي للعام 1436هـ وتعديلاته اللاحقة له.