جدة – البلاد
من لم يطلع على تفاصيل مضمون وأهداف (رؤية المملكة 2030) حتما بات يدركها حقائق ترسو بالأحلام تباعا على أرض الواقع في عهد الخير بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز وسمو ولي عهده الأمين الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز – حفظهما الله -، لتغير ملامح الصحراء إلى نهضة تفوق الخيال ، وكنوز البحر الأحمر إلى استثمارات سياحية مليارية وفق أحدث مشاريع العصر ، لتكون السياحة السعودية على أرضها وشوائطها ، نموذجا رائدا ومركز الجذب الأكثر إبهارا على خارطة السياحة العالمية.
يأتي مشروع البحر الأحمر تجسيدا لحرص الملك المفدى على حفظ هذه الثروات الطبيعية واستثمارها ، وتعزيز علاقة المواطن بها من خلال رؤية نهضوية للسياحة البيئية تتيح له فرصة الاستفادة من مكتسباتها، لذلك جاء إعلان سمو ولي العهد رئيس مجلس إدارة صندوق الاستثمارات العامة ، مبشرا بقوة دفع تنموية جديدة ضمن برنامج التحول الاقتصادي من عصر الاعتماد على النفط كمصدر رئيس للاقتصاد الوطني ، إلى اقتصاد متجدد القوة والطموح بتعدد المصادر ليلبي طموحات هذا الوطن الكبير.
عبقرية الموقع والقرار
يقام مشروع البحر الأحمر على أحد أكثر المواقع الطبيعية جمالاً وتنوعاً في العالم، بين مدينتي الوجه وأملج، على مساحة بحرية تبلغ 34 ألف كيلو متر، وعلى امتداد نحو 200 كيلومتر مع البحر ، ويعتبر الأكبر مساحة عالمياً بين أبرز الوجهات السياحية وأغناها تنوعاً ، وتشمل استثماراته 50 جزيرة تتوسط البحر الأحمر في تلك المنطقة البكر وعبقرية اختيار موقعها الاستراتيجي كمركز سياحي عالمي فريد في مكوناته وأفكاره الترفيهية التي تسبق عصرها ، باعتبار هذا المشروع الضخم أحد ركائز تحقيق رؤية المملكة لمستقبل هذا القطاع الذي سيغير وجه السياحة السعودية ويرفع مساهمته في الناتج المحلي.
ومن المقرر أن يتم وضع حجر الأساس في الربع الثالث من عام 2019، والانتهاء من المرحلة الأولى في الربع الأخير من عام 2022، وهي مرحلة ستشهد تطوير المطار، والميناء، وتطوير الفنادق والمساكن الفخمة، والانتهاء من المرافق والبنية التحتية، وخدمات النقل: القوارب، والطائرات المائية، وغيرها.وسيقوم صندوق الاستثمارات العامة بضخ الاستثمارات الأولية في هذا المشروع، ويفتح المجال لعقد شراكات مع أبرز الشركات العالمية الكبرى.
وجهة رائدة
دائما الخيال يثير الاهتمام ، وهذا ماتفعله تفاصيل مشروع البحر الأحمر الذي سينطلق تنفيذه خلال أشهر بالتعاون مع كبريات الشركات العالمية في قطاع الضيافة والفندقة والترفيه، ويتضمن المشروع إنشاء منتجعات سياحية عالمية على هذا العدد الكبير من الجزر الخلابة ، وعلى مسافات قليلة من إحدى المحميات الطبيعية في المملكة ، وبالقرب من مدائن صالح التي وثقتها اليونسكو ضمن قائمة التراث العالمي ، بقيمتها التاريخية لأكثر من ثلاثة آلاف عام شاهدة على الحضارات العظيمة على هذه الأرض الطيبة وعراقة تاريخ المملكة وإرثها البديع الذي يعد عنوانا مبهرا للسياحة التاريخية لعشاقها في العالم.
ويطول الحديث عن تفاصيل مشروع البحر الأحمر ، فبالقرب من الشاطئ ستتاح للزوار فرصة التعرف على الكنوز الطبيعية الساحرة من المحمية الطبيعية الغنية بتنوع الحياة النباتية والحيوانية والطيور في المنطقة، حيث يضم المشروع شواطئ خلابة، وعشرات الجزر الغنية بالشعاب المرجانية المحمية بيئياً، إضافة إلى أشجار المنغروف والعديد من الأحياء البحرية المهددة بالانقراض، كالسلاحف الصقرية، كما يشمل المشروع البراكين الخاملة التي يعود تاريخ آخر نشاط لها إلى القرن الـ17 الميلادي، مما يجعل للمشروع تنوعاً في البيئات الجاذبة للسياح. كما سيتمكن هواة المغامرة من التنقل بين البراكين الخاملة الواقعة بجوار منطقة المشروع، وعشاق الغوص من داخل المملكة وخارجها من قضاء أوقات ولحظات رائعة حول الشعاب المرجانية الوفيرة في المياه ، ليس هذا فقط إنما منظومة عصرية ومتكاملة للمجتمع الصحي والحيوي، مع تنظيم ضوابط الحفاظ على الطابع البيئي الخاص والفريد للمنطقة.
وطبقا للسجل المناخي من الهيئة العامة للأرصاد وحماية البيئة، فإن مناخ منطقة مشروع البحر الأحمر بشكل عام معتدل، ومن أفضل الأجواء في المملكة، حيث تصل درجات الحرارة في شهر يناير من كل عام إلى ( 19.7 ) مئوية، بينما في شهر أغسطس إلى (31.1) مئوية، واتجاه الرياح بشكل عام شمالي غربي، وموسم الأمطار خلال فصل الشتاء .
اقتصاديات طموحة
يتوقع خبراء السياحة والاقتصاد أن يحقق مشروع البحر الأحمر نحو 15 مليار ريال سنوياً للناتج المحلي الإجمالي للمملكة ، لقدرة المشروع على تعظيم الإنفاق السياحي وتدفق العملات الأجنبية، وفي نفس الوقت اتاحة الفرص للمشاريع الصغيرة والمتوسطة للمواطنين، وتوفير نسبة عالية من الفرص الوظيفية لأبناء الوطن الذين تتكامل الجهود والخطط لتأهيلهم لهذه المرحلة الهامة من التنمية عامة وهذه المشاريع الضخمة بشكل خاص.
فمن خلال اطلاق منظومة المشاريع الحديثة ستسهم الاستثمارات المباشرة في تحقيق قفزات كبيرة للمكاسب الاقتصادية للمملكة ، من خلال استقطاب أبرز الشركات الرائدة عالمياً في قطاعَي السياحة والضيافة، لتوظيف خبراتها وضخ استثماراتها المالية ، وبالتوازي ممع هذه المكاسب ستنجح المملكة في إعادة توجيه الإنفاق على السياحة الخارجية للأفراد والعائلات السعودية إلى الداخل والتي تقدر بعشرات المليارات سنويا ، وطبقا لتقرير سابق قدّرت منظمة السياحة العالمية حجم إنفاق السعوديين بالخارج مايقرب من 500 مليار ريال خلال السنوات العشر الماضية ، وتشير أحدث التقديرات إلى أن السياحة إلى خارج المملكة ضخت أكثر من 8 مليارات دولار في صيف عام 2018 فقط أي خلال أشهر مفدودة ، ومن هنا تتوقع منظمة السياحة العالمية مع اكتمال المشاريع الترفيهية والخدمية الجديدة ، أن يحقق هذا القطاع بالمملكة نموا كبيرا في حدود 40 % بحلول 2020 م ، كما قدّرت زيادة إسهام السياحة في الناتج المحلي الإجمالي إلى 300 مليار ريال وهو ما يعادل 80 مليار دولار بحلول العام 2026 م.