الرياض- واس- البلاد
يتيح المهرجان الوطني للتراث والثقافة “الجنادرية” في دورته الثالثة والثلاثين لزواره القيام بجولة في مختلف مناطق المملكة خلال ساعات, يتمكن من خلالها الزائر من الوقوف على نماذج مستوحاة من تاريخ وحاضر 13 منطقة، ومشاهدة التنوع الثري لبيئات المملكة المختلفة وثقافات أبنائها وعاداتهم وتقاليدهم، وسط إيقاع الفلكلور الشعبي الذي تتميز به كل منطقة مصحوبًا بأهازيج من التراث القديم.
ومن الجنادرية يستهل الزائر جولته في واقع افتراضي لجميع مناطق المملكة بزيارة جناح بيت مكة المكرمة الذي يفوح بعبق التاريخ العظيم لبيت الله العتيق وحرمه الشريف والآيات البينات مقام سيدنا إبراهيم، والحجر، ونبع زمزم ، إضافة إلى الروائح الزكية للورد الطائفي التي تعج بها أروقة الجناح الذي يعمل فيه الصناع وأصحاب الحرف المكية.
ومن مكة المكرمة إلى المدينة المنورة حيث مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وسيلفت نظر الزائر “العريش” الذي يحكي قصة أفضل العصور بتفاصيلها الدقيقة، ناشرًا نسائم العهد النبوي من خلال المحتويات القيّمة التي يضمها وُيعرف بتاريخ وتراث منطقة المدينة المنورة وموروثها النبوي الأصيل، وما شهدته من تطور مع عرض لمشاريعها المستقبلية.
وينتقل الزائر بعدها إلى جناح بيت المنطقة الشرقية ليطلع على بعض من فصول الحياة القديمة التي عرف بها أهالي الشرقية خلال الخمسينيات الميلادية، فيتنقل بين المباني المعروفة بطرازها المعماري التاريخي، ويخوض بعضاً من تجارب معيشتهم آنذاك.
وفي جناح قرية عسير تمتزج الأصالة والتراث مع الحاضر، إذ تعدّ القصور التراثية احد المعالم البارزة لزائري القرية لتجسد الصور الحقيقية لمختلف بيئات منطقة عسير وإظهار بيئتها التراثية والحضارية, وتضم قرية عسير ثلاثة قصور كبيرة تمثل طابع البناء التقليدي القديم في المنطقة، حتى تنقل ثقافة الإنسان العسيري وعادته في كل عام للمشاركة في المحفل الكبير, واستطاعت قرية عسير التراثية استقطاب زوار الجنادرية الذين يحرصون على الاطلاع على ما تزخر به المنطقة من مبانِ قديمة وموروثات شعبية متنوعة سواء في السراة أم تهامة، ليرى فيها شاهداً على ما كان عليه الإنسان في منطقة عسير في الماضي.
وإلى الشمال حيث جناح بيت الجوف الذي تفوج منه رائحة الزيتون، يرى الزائر مئذنة مسجد عمر أحد أوائل المآذن الإسلامية، كما يرى موروث المنطقة ومنتجاتها من : التمور والحرف اليدوية، ويطلع على تاريخها العريق, فضلا عن الاستمتاع بالعروض الفلكلورية من:
الدحة، والعرضة، والسامري, ليصل في نهاية المطاف إلى بيت الشعر الذي يستضيف زوار جناح الجوف بالتمر والقهوة.
ولايفوت الزائر للجنادرية إطلالة جناح بيت القصيم المشتهر برج الشنانة التاريخي، والقصر التراثي، والبيت القصيمي، ومبنى من طابقين يضم 13 جناحًا لعدة جهات منها ” اكتشف القصيم, و النخلة والعقيلات, و الشيخ محمد بن عثيمين, والاستديو الشعبي, وتراث القصيم العلمي, وجناح القصيم الحضارية.
وفي مقابل مبنى جناح القضيم يوجد ساحة واسعة تتنوع بين محلات وأكشاك تجارية تضم الحرفيين والفنانين التشكيليين والأكلات الشعبية ومجسم لصخرة عنترة والكليجا , وكذلك الفعاليات الشعبية والعرضة النجدية في ساحة المعرض وعلى مسرح الجناح الخارجي .
ويقف جناح بيت حائل التراثي شاهداً على كرم الضيافة من خلال ما يقدمه البيت الحائلي من مشروبات ساخنة مثل: القهوة، والشاي، والزنجبيل، والتمر، والمعمول ، يصحبها حسن الاستقبال ورحابة الصدر التي تعتبر رمزاً أصيلاً بين أهالي المنطقة وعادة حسنة استمدوا إرثها من الكرم الحاتمي.
أما جناح منطقة الباحة فيعيد للأذهان حكاية بساط الريح الأسطورية الذي ينقل الإنسان من مكان إلى آخر، فمنذ اللحظة الأولى لدخول بيت الباحة يشعر الزائر من خلال ما يشاهده من تفاصيل البناء والممرات، وتصميم أدوار البيت ومداخله وموجوداته ومحتويات المتحف وأزياء المؤدين للون العرضة واللعب والمسحباني مع لمعان السيوف والجنابي والرقصات وأهازيج الحصاد واختيار السقوف وألوان الجدران التي تشكل مع أصوات الزير وأهازيج البنائين وصوت السواني وروائح المأكولات الشعبية والنباتات العطرية والتحية التقليدية “مرحبا هيل عد السيل”.
وفي مشهد آخر من مشاهد السعودية، تمتزج الأصالة والتراث مع عراقة الحاضر في قرية جازان التراثية، وتبرز قرية جازان كمعلم حضاري لحقبة زمنية من تاريخ المنطقة العريق والمرتبط بحاضرها المزدهر.
ويشتمل بيت الحدود الشمالية على عدد من البرامج الثقافية والتراثية وفلكلور وموروثات شعبية تشتهر بها المنطقة، إلى جانب مقتنيات أثرية معروضة من خلال جناح المعارض الذي تشارك فيه جهات حكومية, وهناك عددا من الحرفيين المتخصصين في صناعة السمن البري والفراء وقرص الجمري، وهناك قسم للأعشاب الشمالية، وقسم لبيئة المنطقة لعرض أهم ثروات المنطقة، النباتية والحيوانية، إلى جانب مسرح لعرض الفلكلور الشمالي.
وفتحت قرية منطقة تبوك التراثية في الجنادرية نافذة لزوارها، بما تمتلكه المنطقة من شواهد متعددة لنهضتها التنموية، ومكونات طبيعتها المتباينة ومكانتها التاريخية الضاربة في جذور التاريخ. وعكست القرية مسيرتها المتجددة نحو التنمية.
تراث الشعب الإندونيسي
وقدم جناح جمهورية إندونيسيا ضيف شرف المهرجان الوطني للتراث والثقافة بالجنادرية 33 ، عروضًا ورقصاتٍ فنية متنوعة ترمز لثقافة وتراث الشعب الإندونيسي بجميع ألوانه وطوائفه.
وحظيت العروض بتفاعل كبير من زوار المهرجان الذين توافدوا بأعداد كثيفة على جناح الدولة الضيف ، وقدم المسرح الخارجي للجناح عدة رقصات وعروض تمثل تراث الرقصات القبلية، وعصر الرقص الملكي الشعبي، وعروض للفنون الشعبية التي تمثل عددًا من الجزر.
كما عرًفت الجمعية السعودية لمترجمي لغة الإشارة زوار المهرجان الوطني للتراث والثقافة (الجنادرية 33) على البرامج والأنشطة التي تقدمها والتي تتضمن مهام مترجم لغة الإشارة ، وطرق التواصل والأبجدية المتبعة في اللغة العربية للصم، إلى جانب مساعدة المحتاجين من ذوي الإعاقة السمعية في المهرجان.
وأوضح رئيس مجلس إدارة الجمعية السعودية لمترجمي لغة الإشارة علي الزهراني أن الجمعية تسعى إلى تأهيل وتطوير مهارات مترجمي لغة الإشارة ، وتوحيد الممارسات وتثقيف الممارسين للغة الاشارة ، ومنح رخص ترجمة الإشارة، وتقديم خدمات ترجمة لغة الإشارة للجهات الحكومية بشكل عام.
وتميزت “جمعية طيبة للإعاقة الحركية للكبار” بمشاركتها زوار المهرجان وتقديم ألعاب الخفة والمسابقات، بمشاركة ذوي الإعاقة الحركية على مسرح جناح المدينة المنورة.
وأوضح مدير عام الجمعية عبدالمحسن بن أحمد القشعمي أن المشاركة في المهرجان جاءت للتعريف بما تقدمه الجمعية من خدمات ورعاية شاملة لذوي الإعاقة الحركية من الكبار للذكور والإناث لمن هم فوق سن 15 عامًا، إلى جانب مساهمتها في تقديم حزمة من البرامج الاجتماعية والصحية والتعليمية والتدريبية والتأهيلية.
وجذب جناح فرع وزراة البيئة والمياه والزراعة بمنطقة الجوف العديد من المسؤولين والباحثين والإعلاميين والزوار من جميع الجنسيات ومختلف الأعمار لما يميز الجناح من الأركان المتعددة التي يحتويها .
واستعانت جهات حكومية وأهلية بتقنية الواقع الافتراضي ” VR ” لتقديم محتوى متنوع لزوار الجنادرية ما بين التوعية والتثقيف والتدريب وكذلك الترفيه، مختصرة بذلك لغة الكلام ومعطية مؤشرات قوية على تسارع الخطوات نحو التعامل مع التقنية الحديثة لتقديم رسائل من خلالها بشكل يتوافق ومعطيات العصر الرقمي وما تعيشه المملكة من مسيرة متجددة نحو المستقبل الواعد في ظل دعم وتوجيهات القيادة الرشيدة حيث وجدت تقنية “الواقع الافتراضي” وما تقدمه من محتوى، اهتماما كبيرا لدى زوار الجنادرية بمختلف أطيافهم وفئاتهم العمرية.