يقول رسولنا الكريم : ” الحكمة ضالة المؤمن، فحيث وجدها فهو أحق بها ” ، وكيف لنا أن نستقي الحكم والعبر إلا من فلاسفة عباقرة ألمّوا بكافة العلوم والمعارف واحتكموا إلى العقل والمنطق، وصدروا لنا خلاصة تجاربهم وعصارة أفكارهم ، فلم يتعارضوا مع صحيح المنقول ولم يتيهوا في غياهب التجريد ولم يتشابكوا أبدا في متاهات التعقيد ؟.الفيلسوف كانط يقول : إن الفلسفة تمنح الإنسان الجرأة على استخدام عقله بحرية ، والولوج بها إلى عالم الأنوار الأكثر سلمية، والفيلسوف اليوناني افلاطون حلم بالمدينة الفاضلة التي يحكمها فلاسفة، ويطبقون فيها كل معايير الجودة والكمال .
لقد تربعت الفلسفة على عرش العلوم لقرون عديدة ، وأجابت عن كافة الأسئلة التي حيرت البشرية، ابتداءً من الخلق والتكوين وحتى الذرة المتناهية الصغر ، وعرجت على الأخلاق والمعتقدات الدينية والعناية بالإنسان وشكلت آراء واتجاهات وتيارات لوجهات نظر مختلفة ومدارس متنوعة، كان لها أثرها البالغ في حركة التاريخ وصيرورة الحياة ، ومن أشهر مدارسها كانت المثالية ، الطبيعية ، الواقعية ، البراغماتية ،الرواقية ، الوجودية …) ومن أشهر علمائها من الإغريق: افلاطون وسقراط وارسطو وفيثاغورث وطاليس ، ومن العرب كان ابن رشد وابن خلدون وابن سينا والفارابي ،ومن الغرب كان فولتير ورينيه ديكارت وجان جاك روسو وتوماس مور وفرانسيس بيكون وايمانويل كانت وجون لوك ، ومن الصين كان كونفوشيوس الذي كتب في الأخلاق والسياسة، وحصل على شهرة واسعة بسبب فلسفته المبنية على ضبط السلوك الذاتي للأفراد، باستخدام مبدأ “رين” وقاعدتها الذهبية التي تقول ” تمنَّى للآخرين ما تتمناه لنفسك ” .
ومن الجدير ذكره أن نسرد بعض المقولات الجميلة التي خلص إليها الحكماء والفلاسفة وأثرت ثقافة الإنسان على مدى الزمان والأيام ، حيث كان من أشهرها ما قاله لقمان الحكيم :إنَّ اللهَ إذا أراد بقوم سوءًا، سلَّط عليهم الجدلَ وقلةَ العمل ، وابن رشد يقول : ” ما من رجل تكبر أو تجبر إلا لذلة وجدها في نفسه ” ويقول أيضاً :” إذا أردت أن تتحكم في جاهل فعليك أن تغلف كل باطل بغلاف ديني. التجارة بالأديان هي التجارة الرائجة في المجتمعات التي ينتشر فيها الجهل ” ، ويقول ديكارت عبارته الشهيرة :” أنا أفكر ، إذن أنا موجود ” ، أما المهاتما غاندي زعيم الأمة الهندية وفيلسوفها فيقول : ” كن أنت التغيير الذي تريد أن تراه في العالم ” ، والشاعر الفيلسوف ابن عربي فيقول : “المكان الذي لا يؤنث لا يعوّل عليه “، وفي قصيدة له تدعو إلى المحبة ونبذ الكراهية يقول :
أدين بدين الحب أنّى تَوَجَّهَت … ركائبه فالحب ديني وإيماني.