جدة – البلاد
بطموحات كبيرة جاءت ميزانية الخير والنماء لتحقق خطوات جديدة في استراتيجية التنمية المستدامة ، ومنها استثمار الثروة البشرية الوطنية بخلق الوظائف وخفض معدل البطالة من 11.6 في المائة إلى 7% حتى عام 2030 ، وهي القضية التي تتصدر اهتمامات وزارات عدة ، ونقاشات المتخصصين والمهتمين من خبراء الاقتصاد الذين أكدوا تركيز الدولة على دعم وتوسيع قاعدة التدريب والتوظيف.
لقد أكد صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز، ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع ، في تصريحه عقب صدور الميزانية على أن الإصلاحات الاقتصادية والهيكلية في الاقتصاد الوطني السعودي تسير بخطى ثابتة نحو تحقيق أهداف “رؤية السعودية 2030″ الرامية إلى تنويع الاقتصاد وتحقيق الاستقرار الاقتصادي والاستدامة المالية، إلى جانب تحفيز القطاع الخاص والعمل على تحسين مستويات المعيشة للمواطنين.
وفي حوار سابق لوكالة بلومبيرغ ، قال سموه: ” نتحدث عن ميزانية 2019، التي تزيد عن تريليون ريال لأول مرة في المملكة، كما وصلت الزيادة في المداخيل أو الإيرادات غير النفطية إلى 300%؛ لذا فإن الزيادة قفزت من 100 مليار ريال إلى 300 مليار ريال، ويوجد هناك إنجازات ضخمة تتيح لنا التعامل مع القضايا الأخرى من الآن فصاعدًا، وأرى أن معدل البطالة سيبدأ في الانخفاض بدءًا من عام 2019 حتى يصل إلى 7% في عام 2030 على النحو المستهدف في الرؤية.
مبادرات وخطوات
على ضوء اهداف رؤية 2030 ، تسير خارطة التوظيف وخفض البطالة في أكثر مسار ، منها خطط وبرامج وزارة العمل والتي شملت إطلاق 68 مبادرة، تسهم في تحفيز القطاع الخاص للتوسع في رفع معدلات مشاركة القوى البشرية الوطنية في سوق العمل من خلال زيادة نسب التوظيف للسعوديين والسعوديات ، وتستهدف الوزارة تحفيز المنشآت الصغيرة والمتوسطة والمنشآت الكبرى .
هذه المبادرات تواصل حراكها العملي بالإسهام في توسيع برامج التوظيف ، وهو ماسبق وأكد عليه معالي وزير العمل والتنمية الاجتماعية المهندس أحمد الراجحي، بتحفيز القطاع الخاص وتشجيعه على النمو، وضخ مزيد من فرص التوظيف المستدامة والمنتجة لأبناء وبنات الوطن في كل مناطق المملكة، كما تسهم في دعم ريادة الأعمال، ورفع مستوى التنافسية في سوق العمل. وتهدف المبادرات الموجهة منها للأفراد إلى سهولة التوظيف، وزيادة الفرص التدريبية، وتحسين الخدمات وبيئة عمل العاملين، ونشر الثقافة العمالية، وإشراك العاملين في اتخاذ القرارات.
وتتضمن الخطة عددًا من المبادرات الموجهة للأفراد من الجنسين سواءً أكانوا عاملين أم باحثين عن عمل، منها برامج دعم توظيف المواطنين والمواطنات، ودعم مكاتب توظيف خريجي الجامعات المهن التخصصية، وتحويل فروع صندوق تنمية الموارد البشرية (هدف)، إلى مراكز تأهيل وتوظيف ، والتوسع في برامج نقل المرأة العاملة ودعم حضانة أطفال المرأة العاملة، ورفع أعداد المستهدفين في برامج التدريب على رأس العمل (تمهير) والعمل الحر، والعمل عن بعد، وإطلاق بوابة العمل المطورة، وملاءمة، وكوادر، وخبرة، وتطوير اللجان العمالية.
أوعية قوية للتوظيف
وتشهد مختلف القطاعات خطط تدريب وتوظيف واسعة ، وفي مقدمتها التعدين والطاقة والسياحة والترفيه والصناعة والقطاع التجاري والخدمي ، ودعم ريادة الأعمال ، وفي هذا يعول كثيرا على قطاع المنشآت الصغيرة والمتوسطة في استيعاب نسبة كبيرة من المواطنين والمواطنات من خلال مشاريع الشباب والتوظيف فيها .
فبطموح كبير للتوظيف في قطاع السياحة يمكن للمتابع رصد حجم الزيادة غير العادية في الإحلال والتوظيف بمختلف مجالات العمل ذات العلاقة في مقدمتها الوظائف الفندقية بتخصصاتها الواسعة وهو ما أكد عليه سمو رئيس الهيئة العامة للسياحة والآثار، الأمير سلطان بن سلمان بأن السياحة هي ثاني أكبر قطاع مولد للفرص الوظيفية للشباب حيث سيوفر 1.7 مليون وظيفة للشباب والفتيات حتى عام 2020م”.
وتفصيلا لذلك أوضح تقرير صادر عن الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني أن معدل نمو فرص العمل في القطاع السياحي بالمملكة بين الفترة ( 2010-2020م) يقدر بـ (10%) سنوياً مقارنة بمعدلات النمو العالمي لنفس الفترة والتي قدرت ب (2.5%) سنوياً.
وأشار التقرير إلى أنه من المتوقع أن تبلغ فرص العمل في قطاع السياحة بالمملكة (1.7) مليون وظيفة في عام 2020م وهو يمثل ما يمكن أن يصل إليه اجمالي الوظائف المباشرة وغير المباشرة في سوق العمل لقطاع السياحة والقطاعات الاخرى المترابطة والمستفيدة من السياحة مثل المطاعم والنقل وخدمات بناء وتشييد المنشآت السياحية، وبيع الهدايا، ومزودي الخدمات في المواقع السياحية وغيرها من الوظائف التي تتولد نتيجة للطلب على السياحة.
ومع المشروعات التنموية الصناعية العملاقة التي يرعاها خادم الحرمين الشريفين – حفظه الله – مدينة الملك سلمان للطاقة (سبارك) والتي ستسهم في توسيع الصناعات التحويلية في المملكة ودعم الناتج المحلي ، ودعم الاقتصاد الوطني بـ 22 مليار ريال، وتأمين أكثر من 100 ألف وظيفة.
هكذا تنطلق قاطرة استثمار الثروة البشرية الوطنية ، حيث تتسع شرايين الاقتصاد وتعلو رافعات التقدم ، على أرض الوطن وامتداد البصر عبر المدن العصرية الاستثمارية والمشروعات الضخمة لقطاع الترفيه غير المسبوقة في مواصفاتها العالمية والتي يقوم عليها صندوق الاستثمارات العامة بإشراف مباشر من سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان – حفظه الله – وفي مقدمتها مشروعات: (نيوم والقدية والبحر الأحمر وأمالا والعلا ) لتمثل المشاريع الـ 5 سلسلة متكاملة قادرة على تحقيق النقلة المرتقبة للاقتصاد والتوظيف وتحقق جودة الحياة. وحول هذه الخطط والمشروعات توقع صندوق الاستثمارات العامة أن يتيح مشروع «أمالا» على البحر الأحمر 22 ألف وظيفة، حيث يضم فنادق وفيلات خاصة، إضافة إلى العروض الفنية والرياضية والثقافية، والمراسي ونادي اليخوت، كما ستضم المنطقة مطاراً خاصا بها، و2500 فندق فخم، و200 مؤسسة للبيع بالتجزئة، و700 فيلا.
كذلك مشرع البحر الاحمر السياحي الذي يدعم فرص النمو الاقتصادي للمملكة بقوة ويضع المملكة على خريطة السياحة العالمية الشاطئية والثقافية..ووفقا لما تم الاعلان عنه فإن المشروع يستهدف زيادة إجمالي الناتج المحلي في المملكة بمعدل 15 مليار ريال سنويا بالإضافة إلى تحقيق مكاسب تنموية هائلة من خلال خلق آلاف من فرص العمل التي تقدر بنحو 35 ألف فرصة عمل بمجرد اكتمال تطوير المشروع وذلك تماشيا مع رؤية المملكة 2030.
وفي قطاع الترفيه أيضا يترقب الكثير من القطاعات الاقتصادية، إحداث انتعاشة قوية داخلها على هامش تدشين دور العرض السينمائية في تحقيق إيرادات تتجاوز 3.7 مليارات ريال سنوياً، فضلاً عن تأمين 30 ألف وظيفة دائمة للمواطنين، و130 ألف وظيفة مؤقتة.
ومن القطاعات الاستراتيجية الواعدة في الاستثمار والتوظيف ، تأتي الصناعات العسكرية ، ويُتوقع أن توفر الاتفاقيات بين الشركة السعودية للصناعات العسكرية SAMI والشركة العالمية عشرات الآلاف من الوظائف ، ومن ذلك الاتفاقية التي وقعها رئيس مجلس إدارة الشركة السعودية للصناعات العسكرية ، والرئيس التنفيذي رئيس مجلس إدارة شركة بوينج دينيس مولنبرج ، نحو 6 آلاف وظيفة بحلول العام 2030.
ومع المشروعات الاستراتيجية في قطاعات التعدين والسياحة والترفيه ستشهد معدلات البطالة انخفاضا ملحوظا العام الجديد ، وهو ما أشار إليه معالي وزيرالاقتصاد والتخطيط محمد التويجري، متوقعا تراجع معدل البطالة عن مستواه الحالي البالغ 12.9% بدءاً من 2019 م ، لتزيد من نسبة العمالة السعودية في سوق العملن البالغة حاليا 42% طبقا لتصريح الوزير خلال الجلسات الوزارية التي اعقبت اعلان الميزانية ، خاصة ما أوضحه بأن هناك 5 قطاعات جاهزة للخصخصة في الربع الأول من العام القادم ، وأيضا ماصرح به معالي وزير العمل والتنمية الاجتماعية أحمد الراجحي، عن اعتزام الوزارة توقيع اتفاقية مع وزارة الإسكان ومجلس الغرف السعودية لإحلال 80 ألف وظيفة في قطاع المقاولات والعقار، واتفاقية مع وزارة الاتصالات وتقنية المعلومات لـتوطين 15 ألف وظيفة، واستمرار دعم وتمكين الباحثين عن عمل، بعد نجاح توطين نحو 40 نشاطا في سوق العمل بالمملكة.