يموت الإنسان وحيداً ويبعث يوم القيامة وحيداً لا مال سيرافقه ولا ولد سيؤنسه ، ولا مجوهرات ستزينه ،فلماذا كل هذا التشبث بالماديات واقتناء المزيد من الكماليات وتكديس الكثير من المشتريات؟، ولماذا كل هذا التثاقل في تطبيق فن التعامل مع الآخرين وضبط محاذيرها ؟!، وحين جاء في الآية الكريمة ” والذين يكنزون الذهب والفضة لا ينفقونها في سبيل الله ، فبشرهم بعذاب أليم ” فإن الله عز وجل يحذر الإنسان من التقاعس وعدم الانفاق ويدعوه إلى تحرير نفسه من ربقة الطمع وسوء الطبع .
إن الآخرين يحبونك وأنت خفيف الظل ، لطيف المعشر وينأون عنك وأنت سمجاً ثقيل الدم مملاً ،تقوم بزيارتهم على غير موعد، تهرف بما لا تعرف ، تستفزهم وتصوب بندقيتك إليهم تنتقدهم في كل مناسبة وتقلل من شأنهم عند كل لقاء ، تستعرض إمكاناتك الحوارية عليهم وتعتبرها حقاً مكتسباً ، فتثقل عليهم بالطلبات وتضايقهم بالقيل والقال ، ومن جهة ثانية هناك الآخرون الذين سينزعجون منك حين توسع دائرة ممتلكاتك الخاصة بما هو مكرر وغير هام ولا ضروري ، فتزاحمهم سعة المكان وتنازعهم على حقهم في العدل والمساواة .
في ميزان القوى الاجتماعية لا يوجد للغثيث ثقل في قلوب الناس وليس للمتعدي على جغرافية المكان رضا ولا قبول ، وليس لنا من حول ولا قوة تجاهه إلا أن نذكره بقوله تعالى : ( ولو كنت فظاً غليظ القلب لانفضوا من حولك ) ، وأن نسدي له النصح والتوجيه علّه يصبح من الظرفاء يوماً ما ، هؤلاء الذين يزينون المجالس بوجودهم ويلطفون الأجواء بأحاديثهم ؛ فلا تكن عزيزي المتثاقل ، لحوحاً في طلب حاجتك من الناس ، لا تكثر من الأسئلة والاستفسارات ، لا تقحم نفسك في الأحاديث الجانبية بين اثنين يتكلمون على انفراد ، لا تتقمص دور العارف بأحوال العامة والخبير في حل المشكلات ، لا تطيل المكوث في الزيارات ، اختصر المكالمات الهاتفية واستعض عنها بالكتابات النصية أو المسجات الصوتية ، خفف من أغراضك الشخصية التي لا لزوم لها وتخلص من أمتعتك الزائدة التي تسبب لك الاحراج في السفر والترحال .
حين تتمتع المرأة السمينة بروح الدعابة وخفة الظل وتسخر من بدانتها قد تكون أكثر جاذبية من ذات القوام المثالي ، فرشاقة الكلمات وأناقة المعاني لا تقل أهمية عن رشاقة الجسم وجمال الشكل ، وقديما قال الشاعر أبو الطيب المتنبي :
لا خَيْلَ عِندَكَ تُهْديهَا وَلا مالُ….. فَليُسْعِدِ النُّطْقُ إنْ لم تُسعِدِ الحالُ.