جدة – وليد الفهمي، إبراهيم المدني
اعتبر عدد من المختصين في علاج السرطان والأورام، أن علاج السرطان، المسمى فيتراكفي ” (Vitrakvi)، سبّب النشر عنه في هذا التوقيت، العديد من المغالطات، التي وبكل أسف، تزيد من الحالة النفسية للمرضى بهذا المرض الخطير؛ حيث كان لابد أن يتم ذلك من قبل وزارة الصحة ، وبعد إجراء الفحوصات قبيل نشر تفاصيل الخبر، من قبل وسائل الإعلام المحلية ، الأمر الذي تسبب في ضجة إعلامية .
لم تستند على حقائق
بداية، أوضح الدكتور مشبب العسيري، استشاري الأورام والعلاج بالأشعة في مجال مكافحة السرطان، أن موضوع علاج السرطان الأخير المسمى Vitrakvi ، قد أثير بشكل مبالغ فيه، الأمر الذي تسبب في إعطاء أمنيات بالشفاء، لم تستند على حقائق، تلتها خيبة أمل عميقة بين المرضى، الأمر الذي كان يحتم ضرورة تدخل عاجل من الجهات الرقابية والصحية والجمعيات العلمية والمتخصصين؛ لمراجعة كافة البيانات المنشورة .
يعالج حالات محددة
وأبان العسيري، أن نشر الخبر عن طريقة جهة رسمية، دون الرجوع إلى المختصين والوقوف على المعلومات الدقيقة، آثار للأسف ضجة إعلامية، غير مسبوقة لهذا العلاج، مشيرا في الوقت نفسه إلى أن العلاج، لا يقوم بعلاج السرطان كلياً ، أو بالشفاء منه تماماً من المنشأ، كما تم ذكره، بل يهدف للسيطرة على نموه، وانتشاره لأطول فترة ممكنة، ولا يعتبر بديلاً للعلاج الجراحي والكيماوي و الإشعاعي، كما أنه يعالج حالات محددة من السرطان، ممن لديهم نوع محدد من الطفرات الوراثية النادرة (TRK gene) وهذه الطفرة النادرة توجد في بعض الأورام؛ مثل سرطان الغدد اللعابية والدرقية والرئة والأنسجة الضامة، وكذلك علاج الحالات التي تحتوي على الطفرة الوراثية ولا تحتمل الجراحة وأيضاً الحالات التي تحتوي على الطفرة الوراثية ولا يوجد لها بديل مناسب للعلاج والحالات التي تطورت بعد العلاج المقرر لها.
خطوة مهمة
مشدًا أن هذا المركب الطبي، يهدف إلى خطوة مهمة لعلاج بعض حالات السرطان؛ لأنه يعالجها من منبعها، ويعالج أساس جين معين للأورام السرطانية، والتي يسبب نشاطه نمو الأورام، مذكرا أن الطفرة في الجين المذكورة نادرة الحدوث في الأورام الشائعة؛ كالثدي والقولون ولا تتعدى ١ % من مجمل الحالات.
تكاثر الخلايا السرطانية
فيما أكد الدكتور أحمد الشهري، استشاري وأستاذ مساعد في طب الباطنة والأورام، أن علاج ڤيتراكڤي “Vitrakvi” هو الاسم التسويقي؛ لما يُعرف علمياً باللاروتريكتينيب “Larotrectinib” وهو علاج جديد من نوعه، ويستهدف مجموعة من السرطانات الصلبة (في الأطفال والبالغين) والتي تحمل طفرة اندماج في جين NTRK، ووجود هذا الخلل الجيني في تلك السرطانات يحفز على تكاثر الخلايا السرطانية وانتشارها، كما أن ڤيتراكڤي يقوم بوقف عمل هذا الجين وبالتالي يساعد في وقف تكاثر الخلايا السرطانية ونمو الورم، وأشار إلى أن علاج ڤيتراكڤي هو الأول الذي يتم اعتماده من عائلة مثبطات جين NTRK، ولكنه ليس العلاج الأول للسرطان، بل إن هناك الكثير من علاجات السرطان، التي تم اعتمادها سابقاً للأنواع المختلفة من السرطانات، والتي أثبتت الدراسات فاعليتها في علاج تلك الأنواع من السرطانات، مستدركاً أن الجديد في علاج ڤيتراكڤي يستهدف سرطانات ذات خلل جيني معيّن، بغض النظر عن منشأ ذلك السرطان، وهذا خلاف العلاجات التقليدية للسرطان، والتي يتم اعتمادها في العادة، بناءً على مكان نشأة السرطان (فهذا علاج لسرطان القولون، وذاك علاج لسرطان الثدي، وهكذا ) مؤكداً أن هذه الميزة ليست خاصةً بعلاج ڤيتراكڤي -فقط- فهناك عدة علاجات تم اعتمادها مسبقاً ويتم تحضيرها حالياً على أساس الخلل الجيني؛ بغض النظر عن سرطان المنشأ، وهذا يعكس التطور في فهم نشأة السرطانات وتكونها وطرق علاجها الحديثة والتي تُعرف اليوم بالتطبيب الدقيق “المحكم” Precision Medicine.
ضجة إعلامية
وعن أسباب انتشار خبر العلاج، وما تسبب به في ضجة إعلامية حوله، أشار الشهري الى صياغة الخبر كانت تسويقية، أكثر منها علمية نقدية؛ مما أوحى لكثير من القراء أن هذا العلاج مناسب لجميع حالات السرطان كباراً وصغاراً، وأنه علاج جذري ويقضي على السرطان بالكلية .. وهذا الكلام غير صحيح .. وأحدث إشكالات كبيرة للمتلقي .. وخيبش أمل للكثير من المرضى وذويهم؛ لذا من المهم عند صياغة الأخبار العلمية -والطبية على وجه الخصوص- استشارة المختصين في ذلك المجال للمساعدة في إيصال المعلومة بالشكل الصحيح .
وعن طريقة الاستخدام، أجاب: تم استخدامه على الحالات التي يمكن أن تستفيد من علاج ڤيتراكڤي، فقد تم اختبار هذا الدواء على مرحلتين: المرحلة الأولى شملت ٥٥ مريضاً من الأطفال والبالغين، من المصابين بالسرطانات الصلبة (ليست سرطانات دم)، في المرحلة الرابعة (السرطان المنتشر غير قابل للاستئصال جراحياً) والذين لديهم طفرة اندماج بجين NTRK .
والمرحلة الثانية، أضافت ٦٧ مريضاً بنفس الخصائص أعلاه ..
وتم إعلان نتائج المرحلتين (١٢٢ مريضاً) .. في مؤتمر الجمعية الأوروبية لطب الأورام، الذي أقيم في شهر أكتوبر الماضي بميونيخ بألمانيا، موكداً أن نتائج الدراسة أظهرت أن العلاج كان ذات فاعلية في معظم تلك الحالات؛ بغض النظر عن منشأ السرطان، وبغض النظر عن الفئة العمرية (أطفالاً أم بالغين) وتمثلت فائدة العلاج في تقليص حجم الورم ومنع نموه وانتشاره (وليس القضاء على السرطان جذرياً) في أغلب الحالات حتى وقت إعلان النتائج .. حيث بلغت نسبة الذين تمت السيطرة على الورم لديهم ٨١٪ بعد مرور سنة من بداية العلاج، وبالرغم من أن هذه النتائج مبهرة بدايةً، ولكن يجب مراعاة أن الفئة المستفيدة منها قليلة جداً .. حيث إن نسبة وجود طفرة NTRK -وهو شرط أساسي لفاعلية العلاج- لا تتجاوز ١٪ في معظم أنواع السرطانات شيوعاً؛ كالقولون والرئة والثدي .. وغيرها .. وأكثر ما يكون هذا النوع من الطفرات متواجداً في أنواع نادرة من سرطانات الأطفال (infantile fibrosarcoma و high-grade glioma) وبعض سرطانات الغدد اللعابية .. مما يحرم الكثيرين من مرضى السرطان فرصة الاستفادة من هذا العلاج ..
إذن الفئة المستفيدة من هذا العلاج تتمثل في التالي:
١- السرطانات التي تمتاز بوجود طفرة جين NTRK
٢- أن تكون هذه السرطانات في المرحلة الرابعة، أو غير قابلة للاستئصال الجراحي .. فلا توجد حلول جذرية لهذه السرطانات، مثل تدخلات جراحية لإزالتها وخلافه ..
٣- استخدام الدواء، يكون بغض النظر عن نوع السرطان (منشأه) وعمر المريض (طفل أم بالغ)..
وعن الاثار الجانبية آثاره الجانبية وطرق الاستخدام، أجاب : يتم تناول علاج ڤيتراكڤي على شكل كبسولات بجرعة ١٠٠ ملغم مرتين يومياً ،بشكل مستمر، وفي الجملة يعتبر هذا الدواء آمن ومعظم الأعراض الجانبية كانت بسيطة ؛ مثل الشعور بالخمول والإعياء، الغثيان والاستفراغ، والإمساك ، وكلها كانت أعراض بسيطة وليست قوية.
وفي ذات السياق ، علق البروفيسور خالد ولي سيت، أستاذ جراحة الأورام بكلية الطب والمستشفى الجامعي بجدة، أن هناك فكرة مغلوطة عن العلاج الجديد، الذي اعتمدته هيئة الأدوية في الولايات المتحدة الامريكية، وقال: إن هذا العلاج مخصص لفئة محدودة من المصابين بالأورام، والذين تتطابق الجينات مع المركب الدوائي الجديد فقط، ولا يعالج الدواء جميع حالات السرطان والأورام بشكل عام، كما يتوقع العامة.
وأضاف: نحن هنا في المملكة لا نطلبه سوى في حدود ضيفة جداً وبكميات محدودة؛ لأن الأورام التي يعالجها نادرة الحدوث في المملكة.
مفهوم خطأ
ولفتت استشارية التوليد، وأمراض النساء. وهي أستاذ مشارك في جامعة الملك عبد العزيز في جدة، ورئيسة مركز الشيخ محمد حسين العمودي للتميز في سرطان الثدي. الدكتورة سامية العمودي، إلى أن المعلومات المتداولة عن العلاج الجديد للسرطان غير دقيقة، وتم شرحها على أنها علاج فعال ونهائي لمرضى السرطان، وهو أمر غير صحيح على الإطلاق. فالعلاج المعتمد من قبل هيئة الدواء الأمريكية، يخص أوراما معينة، وهي قليلة الحدوث؛ خاصة في المملكة العربية السعودية. وأضافت: قامت وزارة الصحة في المملكة بإيضاح ذلك للعامة، من خلال بيان أصدرته، بعد أن لاحظت تداولا لمعلومات خاطئة عن الدواء الجديد.
الصحة ترد
هذا.. وكانت وزارة الصحة قد أوضحت، أن الدواء لا يقوم بعلاج السرطان كلياً، أو بالشفاء منه تماماً من المنشأ، كما تم ذكره، بل يهدف للسيطرة على نموه وانتشاره لأطول فترة ممكنة، ولا يعتبر بديلاً للعلاج الجراحي والكيماوي والإشعاعي، وأشارت الصحة في بيان لها إلى أن مجلة New England الطبية نشرت دراسة على علاج Larotrectinib وكانت الدراسة في المرحلة الأولى، والثانية؛ حيث شملت الدراسة ٥٥ مريضا من مرضى السرطان، والذين لديهم الطفرة الوراثية TRK ؛ حيث كانت نسبة الاستجابة الكاملة ١٣% ونسبة الاستجابة الجزئية ٦٢% ، علماً أنه لم تستمر هذه الاستجابة فترة طويلة لدى جميع المرضى؛ حيث تطور المرض لدى بعض المشتركين في الدراسة واستمرت الاستجابة في ٣٩ % من المرضى بعد السنة الأولى من العلاج، كما أن بعض المرضى خضع لعملية جراحية بعد الدواء .
وتابعت وزارة الصحة: إن هذا العلاج الجديد، تم اعتماده حديثاً من قبل هيئة الغذاء والدواء الأمريكية لعلاج حالات محددة من السرطان؛ ممن لديهم نوع محدد من الطفرات الوراثية النادرة (TRK gene) وهذه الطفرة النادرة توجد في بعض الأورام مثل سرطان الغدد اللعابية والدرقية والرئة والأنسجة الضامة، وكذلك علاج الحالات التي تحتوي على الطفرة الوراثية ولا تحتمل الجراحة وأيضاً الحالات التي تحتوي على الطفرة الوراثية ولا يوجد لها بديل مناسب للعلاج، والحالات التي تطورت بعد العلاج المقرر لها .