القاهرة ــ محمد عمر
ثمة شواهد، تلفت انتباه الكثيرين في عالم الإنترنت والمواقع الإلكترونية، وهو الاستخدام المنظم والمكثف لتلكم الوسائل، من قبل النظام الإيراني، في بث سمومه الطائفية والتحريض على العنف والقتل، حاله في ذلك حال كثير من التنظيمات الإرهابية.
ثم إن من يُخضع الحالة الإيرانية في الإقليم للبحث والدراسة، يدرك أن إيران تستثمر أيضاً أموالًا هائلة في مجال الإعلام بشتى تطبيقاته، التقليدية منها والجديدة، كما تمول شبكات هائلة من الجيوش الإلكترونية التابعة لوكلائها في دول عربية عدة، في مقدمتها لبنان والعراق واليمن. ولا شك أن استخدام الإعلام من جانب إيران في حروب النفوذ الدائرة إقليمياً جاء لتحقيق، مآرب على رأسها محاولة تقويض استقرار الدول العربية .
ولأجل ذلك، استطلعت “البلاد” آراء العديد من الخبراء في هذا الشأن، فأكدوا أن نظام الملالى عمل على تأسيس جيش إلكتروني ، مهمته بالأساس تنفيذ هجمات إلكترونية خارجية؛ كونه جهة غير رسمية، ويضم مجموعة كبيرة من القراصنة المحترفين، ويرسل رسائل ذات طابع سياسي، أكثر منها حربي.
في البداية، يقول مدير المركز العربي للدراسات السياسية والاستراتيجية: الدكتور محمد صادق إسماعيل: إن الشائعات تعتبر من أهم أساليب ووسائل الحرب النفسية، التى لجأ إليها واستخدمها الأفراد والجماعات والساسة وقادة الدول أيضًا، عبر جميع مراحل تطور البشرية؛ سواء فى حالة الحرب أو السلم، نظرًا لخطورتها وعمق تأثيرها، باعتبارها من أشد الأسلحة تدميرًا وأعظمها وقعًا وتأثيرًا، مضيفا، أنها صناعة متقنة ومنظمة، ولها خبراؤها وأوقاتها المناسبة، وكثيرًا ما تكون الشائعة مواكبة للأزمات، لسهولة نشرها وتناقلها عبر وسائل الإعلام المختلفة.
ويرى صادق، أنه مما لا شك فيه أن التطور السريع والمتعدد الجوانب لوسائل الإعلام والاتصالات فى السنوات الأخيرة، قد ساعد على انتشار الشائعات واتساع نطاقها وجاذبيتها بيننا، لا سيما مع وجود وسائل التواصل الاجتماعى الحديثة مثل الفيس بوك، التوتير، الواتس آب، حيث تجد الشائعات مكانًا خصبًا ومرتعًا فسيحًا، يمكنها من التوغل والدخول فى عقول المواطنين وأفكارهم ومعتقداتهم ونفوسهم. ولما كان للشائعات أسواق رائجة وبضائع نافقة مع عدم الاكتراث، أو عدم تقدير الآثار الناتجة عنها، لجأ أعداء الوطن إلى تنفيذ أجندتهم؛ من خلال بث الشائعات المغرضة والفتنة والفرقة بين أبناء الوطن.
استهداف العالم العربي
ويؤكد الخبير السياسى ، أن نظام الملالي سعى الى استخدام هذه الأسلحة من خلال محاولة ترويج الشائعات المختلفة، وخلط الحقائق فيما يتعلق بالموضوعات المختلفة التي تهم النظام العربي، وبالتالي سعى نظام الملالى إلى استغلال وسائل التواصل الإجتماعي والشبكات الإجتماعية، لتحقيق أهداف عدة؛ منها بث الفرقة والفتنة وإثارة النعرات الطائفية والدينية والمذهبية والعرقية، بهدف إدخال الوطن العربي فى دوامة لا متناهية من الصراعات والنزاعات لتفكيك الجبهة الداخلية وتشتيت تماسكها وترابطها وتلاحمها.
ثانيا: ترويج السلبيات وتضخيم وتهويل القضايا وتأجيج الهواجس الأمنية؛ لإعطاء صورة محليًا وإقليميًا ودوليًا بأن الأوضاع الأمنية فى بعض الدول العربية، لا تزال غير مستقرة، مما يحول دون استكمال خطط التنمية والتطوير.
ثالثا: السعى نحو تشويه صورة وسمعة الرموز الوطنية الذين يتحملون عبء استكمال بناء الاستحقاقات التى يستهدفها المجتمع، وذلك بهدف نزع ثقة المواطنين فى قياداتهم ، فضلا عن تنفيذ أجندة خارجية لمصلحة بعض الدول، أو الجماعات التى لها مصالح على حساب المصلحة الوطنية.
ونوه مدير المركز العربي للدراسات السياسية والاستراتيجية، لما توفره الشبكة العنكبوتية كأداة إعلامية متنوعة الوسائل وسهلة الاستخدام ورخيصة التكلفة في ترويج سياسات نظام الملالي، ، فقد جعلها أداة سهلة الاستخدام من خلال نقل سياساتهم الى العوالم الافتراضية عن طريق تصميم مواقع خاصة بهم ، والمتابع لعشرات الصفحات على تلك الشبكات الاجتماعية يجد مواد عديدة منشورة تحض على العنف، وتروج للفكر الإرهابى، مشيرا إلى استخدم نظام الملالي الوسائط الالكترونية فى إشاعة الفوضى ونشرها على نطاق واسع بما يهدد كيان الدول العربية، واستقرار المجتمع. فمن الصعوبة بمكان إغفال الدور الذى لعبته الوسائط الالكترونية، خاصة الفيس بوك وتويتر التابعة للنظام الإيراني فى إثارة القلاقل والاضطرابات فى هذه البلدان.
وأضاف: إن بعض الشبكات الاجتماعية لعبت دورًا مهمًا فيما جرى ، مما أثار تكهنات بأنها تتلقى دعمًا ماليًا من أجهزة استخباراتية، تسعى للاستفادة من قاعدة البيانات الموجودة لديها، وهو ما ذهب إليه بعض الباحثين الأمريكيين الذى أثاروا فرضية ذلك ، مقابل بناء قاعدة بيانات ضخمة للمشتركين الشباب من مختلف دول العالم.
وحذر صادق، من أن سياسات نظام الملالى الحالية تضر الجميع، وأن التغيير لا محالة سيحدث داخل هذا النظام ، الذي بدأ يفقد الكثير من الدعم الداخلي الى جانب الرفض الخليجي والعربي لسياساته، التي جعلت من هذا النظام مرادفا لدعم وتمويل الإرهاب في دول العالم المختلفة.
مخطط الشر
من جهتها، قالت الإعلامية أمل البندارى: إن نظام الملالى يسعى بكل الوسائل لإثارة البلبلة فى الشارع العربى، ونشر الشائعات، وكذلك الأفكار المتطرفة، والهدامة وسلاحها الأول فى ذلك، هو وسائل التواصل الاجتماعى المتعارف عليها باسم ( السوشيال ميديا ) فنظام الملالى يدعم قنوات التطرف على يوتيوب، كما يدعم ماديا الملايين من الحسابات التى تعمل لحسابه، ويستخدم نظام الملالى كل مايملك من قوة المال لدعم جيوش من اللجان الالكترونية، التى تعمل لحسابه، والتى تسعى أيضا لبث الشائعات بين الشعوب العربية، ونشر الكثير من الأفكار الإرهابية .
وأضافت البندارى: إن إعلام نظام الملالى والسوشيال ميديا، تركز هجومها على موضوعات محددة؛ أبرزها ؛ الادعاءات والمزاعم التي تتضاعف أيام الحج.
فملايين الدولارات ينفقها عملاء نظام الملالى للانتشار على وسائل التواصل الاجتماعى، لنشر التطرف والإرهاب فى المجتمعات العربية، ولتمويل تنظيم “داعش” وجماعة الإخوان الإرهابية، وغيرهما من التنظيمات المسلحة، لتنفيذ المزيد من العمليات الإرهابية، وذلك عن طريق استخدام محرك البحث الأشهر “جوجل” ومواقع السوشيال ميديا مثل “فيس بوك”، و”تويتر” “وانستجرام “عبر سلسلة من الإعلانات.الممولة .
ونوهت البندارى إلى أن الدعاية المضللة الإيرانية جزء بسيط من استراتيجية كبرى، يتم العمل من خلالها على قلب انطباعات الرأي العام في أي دولة، وتوجيهه بحيث يبدو وكأنه صادر من الداخل، بينما حجم التأثير السلبي القادم من الخارج مهول، هذه الاستراتيجية لم تستغل فقط الفوضى الكبرى التي تعيشها وسائل التواصل الاجتماعي، وإنما أيضاً المواقع الموثوقة على شبكة الإنترنت، وصولاً لإعطاء مصداقية كبرى للمعلومات الكاذبة عند ترويجها على منصات التواصل الاجتماعي.
نشر فكر الإرهاب
من جهته، قال الاستشارى فى إعداد القادة، محمد مجدى: إن ايران لم تكتف بنشر الإرهاب في العالم، بل عملت على استحداث طرق جديدة للتواصل مع عملائها وجواسيسها في الخارج، فاستغلت التكنولوجيا الحديثة متمثلة في وسائل التواصل الاجتماعي؛ لبث سمومها وأفكارها الهدامة، لاستقطاب المئات بل الالاف من معدومي الضمير والرحمة والإنسانية، لقتل وإرهاب من يقف أمام طموحاتهم بالسيطرة؛ حيث أصبح الجميع على علم بتورط إيران في دعمها ومساندتها للإرهاب عن طريق تقديم الدعم والتمويل اللازمين للعناصر الإرهابية عبر الدعم اللوجيستي؛ من حيث التدريب واستخدام الأسلحة والمتفجرات وتزويدهم بكل ما يحتاجونه من مال وعتاد لنشر الفوضي وإرهاب الآمنين من المواطنين
فهنا نتطرق لسؤال هام، وهو.. ما هي العلاقة الوطيدة بين الإرهاب ووسائل الاتصال الاجتماعي؟ سنجد أن العلاقة مثيرة للاهتمام، فكلاهما لا حدود فعلية له، وبالتالي فمحاولة السيطرة عليه ومحاصرته بالأساليب المعتادة، لن تجدى نفعا، فالفكر الإرهابي لا يرتبط بمنظمة بعينها، أو كيان محدد إذا ما تم القضاء عليه تم القضاء على الفكرة ذاتها ، فهنا نجد أن الفكرة أقوى من الكيان والتنظيم، فعندما يقتنع الشخص بفكرة يعيش من خلالها وينفذها يسهل للفكرة الانتقال من مكان إلى مكان بسهولة فائقة، واختيار نطاق تاثيرها؛ حيث يكون النطاق أوسع .
ويرى مجدى أن كل هذا ساعد في توظيف وسائل التواصل الاليكتروني في نشر الفكر الإرهابي، الذي ساهم في عمليات التجنيد والتوجيه بين التنظيمات ، ونجد أن هناك مطالبات كثيرة من خبراء الأمن الاليكتروني بمراقبة وسائل التواصل الاجتماعي مراقبة دقيقة، ومتابعة الأفكار التي تمس الأمن والمواطن بشكل صريح؛ حيث أوقفت منصة تويتر أكثر من ربع مليون حساب، شجع على الإرهاب، وشددوا أيضا على ضرورة متابعة وملاحقة كل من يقف خلف أي حساب يزعزع الأمن واستقراره.
وأوضح مجدى، أن إحدى الدراسات الحديثة، أكدت أن أكثر من سبعين بالمائة، من أسباب جذب الشباب للفكر الضال والمتطرف يعود لتأثرهم بما يطرح في مواقع التواصل الاجتماعي ، حيث شغلت الكثير من القنوات الفضائية في الفترة الأخيرة بالدور الذي تحولت فيه وسائل التواصل الاجتماعي إلى قنوات داعمة للإرهاب؛ حيث كان الهدف من نشأة مواقع التواصل الاجتماعي الإفادة والاستفادة بين الشعوب بعضها البعض، ولكن ظهر جانبها السيئ والسلبي في دعمها وتمويلها وتحريضها على الإرهاب العالمي الذي جعل جميع الأمم والدول في حالة سيئة؛ نتيجة عدم توقع الضربات الإرهابية .
ويؤكد محمد مجدي، أن اتخاذ إيران لوسائل الاتصال الاجتماعي، ما هو إلا لسرعة نشر الإرهاب على مدى أوسع.وكذلك سرعة نشر الأخبار الزائفة والإشاعات ، التي تسهل للإرهابيين الوصول لعقول من تجد لديه استعدادا لفقدان الثقة في حياتهم، وفي وطنهم.
وكما قالت سابقا السفيرة الأمريكية لدي الامم المتحدة، نيكي هايلي: إن النظام الإيراني يسرق ثروات شعبه ووطنه لدعم الإرهاب والديكتاتورية؛ حيث اتهمت إيران بدفع مليارات الدولارات سنويا لدعم الإرهاب في العالم، وخاصة في منطقة الخليج والشرق الأوسط؛ لبسط نفوذها، فبدلا من دعمها لمواطنيها وشعبها وصرف مليارات الدولارات عليهم ، يتم صرفها على الإرهاب، ولا ننسى الاجتجاجات الأخيرة نهاية ديسمبر 2017، وأول يناير 2018 التي حدثت بسبب زيادة معدلات الفقر والبطالة والحالة الاقتصادية المتردية وانتشار الفساد في إيران.
ولذلك ، سعت واشنطن لمواجهة الإرهاب الإيراني الفارسي على أوربا وأمريكا والشرق الأوسط خلال العقود الأربعة الماضية ، وليس آخرها الهجوم الفاشل على مؤتمر المعارضة الإيرانية في باريس، الذي فتح ملف الاغتيالات التي قام بها النظام الإيراني ضد عشرات المعارضين وضد مصالح الولايات المتحدة وحلفائها.
ويؤكد مجدى، أن الدول الكبري والمنظمات الدولية أصبحت علي يقين تام بتورط إيران في أعمال الإرهاب الدولي، على مستوى العالم ككل، وليس في منطقة بعينها، وأن هذا الإرهاب يضر بمصالح الكثير من الدول، التي أصبحت إيران لهم عدوا واضحا ، و نجد أن إيران لديها من الأذرع المسيطرة كحزب الله بلبنان، ومليشياتها الحوثية في اليمن وكذلك مليشياتها الإرهابية في العراق. كل هذا جعل إيران تدير علاقات قوية مع الصين وروسيا، وتناور أوربا والولايات المتحدة، وأخيرا إذا استمر هذا الإرهاب الإيراني دون رادع ، فلن تتحقق إلا الفوضى العارمة في العالم؛ حيث يجب أن يحاسب نظام الملالي على هذه الجرائم، ليكون عبرة لمن يسير في فلكه.