القاهرة -محمد عمر
يكتب صاحب السمو الملكى الأمير محمد بن سلمان ولى العهد، حفظه الله، صفحة جديدة فى تاريخ المملكة، بإطلاق مدينة الملك سلمان للطاقة، التى تعد قلب المنطقة العربية الرائد فى الطاقة ، والتي تأتى ضمن حزمة المشروعات، التى يؤسسها ولى العهد،حفظه الله، نيابة عن خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز ، رعاه الله، ليسطر بذلك قاعدة راسخة فى تحقيق القوة الإقتصادية المتواصلة للمملكة ، فى ظل رؤية المملكة 2030 ، التى جاءت ملبية لطموحات الشعب السعودي، ومحققة لتطلعاته فى تحقيق نقلة نوعية، تضع المملكة فى صدارة العالم .
“البلاد” أجرت استطلاع رأى، مع نخبة من المختصين فى المجال الاقتصادى، الذين أجمعوا فى أحاديثهم، أن مدينة متكاملة بهذا الشكل، ستضع المملكة فى وضع سياسي، واقتصادي أكثر تميزا أمام المجتمع الدولى؛ حيث ستكون” سبارك” مركزا مهما للكثير من الصناعات العالمية ، وهو ما يعزز القوة السياسية الكبيرة للمملكة على المستوي الدولي.
فى البداية، يرى هشام البقلى– مدير وحدة الدراسات السياسية بمركز سلمان زايد، أن مدينة الملك سلمان للطاقة، التى دشنها صاحب السمو الملكى الأمير محمد بن سلمان ولى العهد، حفظه الله، مؤشر لتحول محورى فى إدارة الموارد السعودية ، وذلك ضمن رؤية 2030، التى وضعتها المملكة نصب أعينها ، ومن خلال الرؤية الواضحة لهذه المدينة الكبرى والمحورية ، فإن المملكة تعرف جيدا، أن المستقبل لا يتمثل فى النفط، وانما فى الصناعة والتنمية بشكل عام، مضيفا أن مدينة الملك سلمان ، سوف تحدث تحولا نوعيا فى مجال الاستثمار والصناعة للمملكة، ووفق ما تم الإعلان عنه خلال الفترة الماضية، وما يتم تنفيذه على أرض الواقع، فالمدينة سوف ترفع مؤشر التنمية الاقتصادي للمملكة بشكل ملحوظ ، كما أنها ستعمل على خفض مؤشرات البطالة بشكل غير مسبوق، وستدخل المملكة العربية السعودية مصاف الدول الصناعية الكبرى، فى المنطقة والعالم.
ويشير البقلى إلى أن التقسيم الذى وضعته الإدارة السعودية للمدينة، سيضم المنطقة الصناعية والميناء الجاف ومنطقة الأعمال ومنطقة التدريب والمنطقة السكنية والتجارية ، ومن خلال هذه المحاور، نستطيع القول: إنها مدينة متكاملة من كافة الجوانب، وستساعد المستثمرين الأجانب والعرب على العمل بها، وستوفر لهم كافة السبل اللازمة لجذب الإستثمار .
هذا ووفقا لما صدر من بيانات، فإن المدينة الصناعية ستوفر آلافا من فرص العمل؛ سواء للسعوديين أو للمغتربين من كافة دول العالم. هذا بجانب الوظائف غير المباشرة ، كما أن عمليات البناء والتأسيس توفر فرص عمل بشكل مؤقت للآلاف من المغتربين، ولأبناء المملكة العربية السعودية .
بداية العمل فى هذه المدينة الكبرى، سيكون نقطة تحول فى الخريطة الصناعية والاقتصادية للمنطقة العربية بالكامل، وليس للمملكة العربية السعودية وحدها؛ حيث ستستفيد الدول العربية بشكل كبير من هذه المدينة، وستوفر تكاليف كبيرة من عمليات الشحن والتفريغ من المنتجات التى تأتى من أوروبا وأمريكا وشرق آسيا ، وستفتح أفاق التصدير إلى الخارج بشكل كبير لصالح المملكة، وترفع من مستوي الاقتصاد السعودي بشكل كبير .
ويؤكد ” البقلى ” أنه على المستوي السياسي؛ فإن المدينة المتكاملة بهذا الشكل ستضع المملكة فى وضع سياسي اكثر تميزا أمام المجتمع الدولى؛ حيث ستكون” سبارك” مركزا مهما للكثير من الصناعات العالمية ، وهو ما يغزز القوة السياسية الكبيرة للمملكة على المستوى الدولي ، فالوقع يقول: إن القوة الاقتصادية هي المحرك الرئيس للقرارت الدولية فى العالم، وهو نفس الأمر الذى ترغب المملكة فى الوصول إليه وهو أن تكون قوة اقتصادية على أرض الواقع، بعيدا عن مجال النفط الذى قد يأتى يوم عليه وينتهي .
هذا بالإضافة إلى أن التنمية فى المجالات الصناعية، أمر غاية فى الأهمية، وهذا ما دفع ” ولى العهد ” حفظه الله، للمضي قدما نحو مسار التنمية الاقتصادية والسياسية والعسكرية للمملكة ، وتحمل الكثير من الصعاب والمؤامرات من الدول المعادية للمملكة؛ لأن تلك الدول تعرف أن التنمية فى المملكة العربية السعودية، تعني تسيد المملكة المنطقة بالكامل؛ من خلال ريادة الأعمال فى كافة القطاعات ، هذا بالإضافة إلى رغبة سمو الأمير محمد بن سلمان، بنشر مسار التنمية إلى الشرق الأوسط بالكامل ، وهو ما يشكل تهديدا حقيقيا لمصالح قوى معادية، تستفيد بشكل كبير من عدم وجود تنمية حقيقية بالشرق الأوسط ,
من جهته، يقول الدكتور إسلام شاهين أستاذ الاقتصاد والمالية العامة المساعد: إن رؤية صاحب السمو الملكى الأمير محمد بن سلمان، تتسم بالحماس والتخطيط المتكامل لوضع المملكة في مقدمة الدول الرائدة في مجال تخطيط وبناء المشروعات الاقتصادية العملاقة، ليس فقط في محيطها الإقليمي، بل وأيضا في المحيط الدولي.
ويرى “شاهين ” أن مدينة الملك سلمان للطاقة (سبارك) تعد من المشروعات الاقتصادية المهة على الصعيدين المحلي والإقليمي، بل ويمكن القول: إنها على المستوى الدولي أيضا.
وتقع مدينة الملك سلمان للطاقة بين حاضرتي الدمام والأحساء، وسيتم تطويرها خلال ثلاث مراحل على مساحة إجمالية تبلغ 50 كيلو مترا مربعا، تغطي المرحلة الأولى منها مساحة قدرها 12 كيلومترا مربعا ، وتم منذ أكثر من عام البدء في أعمال الإنشاءات الخاصة بالمشروع، وذلك في سبتمبر 2017، وقد خصصت الأراضي للمستثمرين التي تم طرحها لتشغيل المشروع في إطار خطة وضعت مسبقا؛ لجذب أكثر من 120 استثمارا صناعيا، ويتوقع أن تنتهي الأعمال الإنشائية لكامل المرحلة الأولى في عام 2021.
ومن الناحية الاقتصادية، لو نظرنا على مستوى توفير العمالة والحد على البطالة، فسنجد أن المشروع يتوقع أن يوفر 100 ألف وظيفة مباشرة وغير مباشرة على المدى البعيد، مما يعد إضافة حقيقية للدخول والتوظيف. ومن ناحية أخرى، فإن المدينة قادرة على توطين أكثر من 350 منشأة صناعية وخدمية جديدة، كما أنها تخلق وتضيف قاعدة صناعية تساعد على الابتكار والتطوير والمنافسة الإقليمية العالمية في هذا المجال.
كل تلك المشروعات وغيرها تأتي في إطار الرؤية الطموحة لصاحب السمو الملكى الأمير محمد بن سلمان ولى العهد، والتي تتبلور في إطار خطة شاملة، وهي خطة 2030 لتنقل المملكة بما لديها من موارد مالية لأفكار بناءة اقتصادية، تضعها في مصاف الدول الرائدة..
من جهته، قال الخبير الٌاقتصادى المصرى الدكتور مصطفى أبو زيد: إن هذه المدينة الصناعية للطاقة ستسهم بشكل كبير في تحقيق رؤية المملكة العربية السعودية 2030 ، التي تهدف إلى تنويع اقتصاد السعودية، وتقليل اعتماده على النفط وخلق قطاع خاص مزدهر.
وتسهم أرامكو السعودية، من خلال دورها المحوري في دفع عجلة تطوير قطاع خدمات الطاقة بالسعودية، في وضع أسس منظومة اقتصادية تساعد على استقطاب وإنشاء وتشجيع صناعات محلية مرتبطة بقطاع الطاقة، وقادرة على المنافسة في الساحة العالمية.
كما ستحرص على دعم نمو وتطور الشركات المحلية، التي تعمل على تصنيع المواد المتعلقة بقطاع توليد الطاقة، وتوفير الخدمات الهندسية وخدمات حقول النفط ولزيادة جاذبية الاستثمار، فقد تم اختيار موقع استراتيجي للمدينة، وعلى مساحة 50 كيلومترا مربعا، ليكون في مركز الأعمال المتعلقة بالطاقة، وفى الوقت نفسه، قريبا من مصدرين رئيسيين للقوى العاملة المحلية، وأيضا من شبكة الطرق السريعة والسكك الحديدية المحلية والخليجية، فضلا عن قربها من مصادر توليد الطاقة والمياه والخدمات اللوجستية.
وقد أجرت أرامكو السعودية العديد من الدراسات مع الموردين الرئيسيين والعالميين، وحددت متطلبات رئيسة لخلق بيئة عمل متكاملة ومستدامة، تضاهي أفضل مراكز الصناعة في العالم، وتشمل تلك المتطلبات: توفير بنية تحتية متطورة وخدمات لوجستية، من ضمنها ميناء جاف وتوفير معاهد تدريبية متخصصة في الصناعة ومجمعات سكنية وأنشطة تجارية وحوافز لجذب الاستثمارات وتمكين المنشآت المتوسطة والصغيرة، التي تعد أساسا لبناء قطاع خاص ناجح.
ومن المتوقع ، أن تحقق مدينة الملك سلمان للطاقة (سبارك)، عند تطويرها بالكامل بحلول عام 2035 فوائد اقتصادية مستدامة لصالح المملكة، وتتمثل فى دعم وزيادة أمن إمدادات الطاقة وتوفيرها بأسعار تنافسية، وخفض تكاليف المنتجات والخدمات التشغيلية المساندة والمرتبطة بقطاع الطاقة، وسرعة استجابة الصناعات والخدمات المساندة المحلية لاحتياجات الشركة التشغيلية والتطويرية الملحة، كما يتوقع أن تحقق المدينة أثرا اقتصاديا وطنيا على المدى البعيد، يشمل ذلك توفير 100,000 وظيفة مباشرة وغير مباشرة، وإضافة 22.5 مليار ريال للناتج المحلي الإجمالي سنويا، وتوطين أكثر من 350 منشأة صناعية وخدمية.
وتشجع هذه المدينة على إضافة القيمة في جميع أعمالها، وتسهم في أداء أرامكو السعودية لرسالتها في تطوير قطاع وطني للصناعات والخدمات المرتبطة بالطاقة، يستحوذ على 70% من الطلب المحلي ولديه القدرة على تصدير 30% من منتجاته بحلول عام 2021 وتوليد آلاف الوظائف المباشرة وغير المباشرة بحلول عام 2025. وتواصل أرامكو السعودية جهودها المتسارعة في تطوير مدينة الملك سلمان للطاقة (سبارك) وتهيئتها لمنظومة التحوّل الوطني وجذب الاستثمارات العالمية المتعددة والمرتبطة بالصناعات المساندة لقطاع الطاقة.
بالاضافة إلى أن مدينة الملك سلمان للطاقة (سبارك) ستساهم في تنمية الصناعات والخدمات المرتبطة بمجال الطاقة في المنطقة وفي أفريقيا وآسيا وأوروبا، وستكون المدينة قاعدة صناعية تساعد على الابتكار والتطوير وتنمية قدرات الشباب والفتيات المؤهلين المدربين والمتعلمين.
من جهته ، يقول الدكتور وليد جاب الله خبير التشريعات الإقتصادية: إن مدينة الملك الملك للطاقة (سبارك) تعد بمثابة أحد أركان تنويع الاقتصاد السعودي؛ وفقاً لرؤية المملكة 2030 التي تستهدف الانتقال بالمملكة إلى رحاب اقتصاديات المستقبل التي تُساعد على رفع مستوى رفاهية المواطن السعودي بصورة مُستدامة لا ترتبط بتذبذب أسعار النفط، وإنما تقوم على قطاعات متنوعة مثل الصناعة والسياحة وغيرها من القطاعات التي تُساعد على خلق آلاف من الوظائف للشباب السعودي؛ ليقوم بدوره في بناء وطنه، ويكون أحد مكونات نهضته.
ويعتبر ” جاب الله ” أن مدينة الملك سلمان للطاقة تحقق تطوير قطاع النفط بما تُقدمه من بنية تحتية بمواصفات عالمية، تستطيع جذب المستثمرين بقطاعات التنقيب وإنتاج النفط وتكريره، ثم توجه الجزء الرئيس من الإنتاج للمنطقة الصناعية. التي تنقسم إلى خمسة مناطق صناعية مُتخصصة في لتختص كل منطقة بنوعية معينة من صناعات المعادن، والكيميائيات والكهربائيات ومُعدات التصنيع وغيرها، وهكذا تستغل المملكة جانب من النفط الخام الذي يتم تصديره لكي تخلق منه مدينة الطاقة نشاط اقتصادي كبير يؤسس لمكاسب تفوق بكثير ما كانت تحصل عليه المملكة من تصدير الخام.
من جهتها، قالت الدكتورة شيماء سراج عمارة خبيرة الاقتصاد وتقييم المشروعات: إن العالم اليوم أصبح قرية صغيرة، فما تحققه الدول من انجازات اقتصادية، يمكن أن يكون دافعا لتحقيق المزيد من التقدم والازدهار إلى العديد من دول العالم، من خلال التعاون الاستثماري والتجاري فيما بين مختلف دول العالم، وإذا ما تحدثنا عن المشروعات الاقتصادية التنموية، فيمكن أن نقول: إن لها الكثير من الآثار التي تتعدى الحيز المكاني المقامة فيه، فلها أبعاد اقتصادية وبيئية واجتماعية وسياسية، تتخطى الموقع الجغرافي المقام عليه المشروع.
وتؤكد ” عمارة ” ، أن تلك المشروعات الضخمة يمكن أن تحقق المزيد من التعاون الاقتصادي العربي ، فمن المتوقع أن تضم تلك المدينة أكثر من 350 منشأة صناعية وخدمية جديدة. وفي ذلك الشأن، أرى أن هناك فرصة كبيرة للمستثمرين العرب بصفة عامة، والمصريين بصفة خاصة لدعم التواجد الاستثماري في هذا المشروع، والذي سيضم عددا من القطاعات الاقتصادية المتمثلة في إنتاج وتكرير المواد البترولية، والصناعات والبتروكيماوية والكهرباء والمياه والمنشآت السكنية والخدمية المدعمة لتلك القطاعات.
وأضافت: إن تلك المشروعات ستحتاج الكثير والكثير من الأيدي العاملة في مختلف المجالات، وهو الأمر الذي سيوفر العديد من للمواطنين، وكذلك يمكن تدعيم تلك الفرص بالحصول على المزيد من العمالة المصرية المتميزة والمتوفرة في تلك المجالات، وكذلك الاستفادة من الخبرات المصرية في مجال الحفر وبناء المدن العصرية والصناعية والموانئ الجافة، ولا يخلو الأمر من تدريب العمالة اللازمة لهذا المشروع.
فمثل تلك المشروعات تكون الحافز للإنتاج المحلي بصفة خاصة، وهو الأمر الذي سيخلق طلبا على مدخلات الإنتاج السعودية، والتي يمكن دعمها بالصناعات المصرية في مجال مواد البناء بمختلف مكوناته والصناعات الكيماوية، والصناعات الهندسية والأدوات الكهربائية اللازمة والأثاث، وهو الأمر الذي سيؤكد على توطيد مزيد من العلاقات الاقتصادية والسياسية بين البلدين الشقيقين.