المحليات

ذا لاين..أنموذج للذكاء الاصطناعي ومدن المستقبل

جدة- البلاد

المشروع العملاق “ذا لاين” الذي أطلقه سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان في منطقة نيوم الأحد الماضي، مدينة ذكية كبرى وسلسلة من المجتمعات الإدراكية المترابطة والمعززة بالذكاء الاصطناعي، وخالية من الانبعاثات الكربونية، وبلا ضوضاء أو تلوث، أو مركبات وشوارع، تمتد بطول 170 كيلومتراً من ساحل نيوم على البحر الأحمر، ستشكل مثالاً لمستقبل المدن خاصة في المملكة .

ويُعد المشروع أنموذجاً فعالاً في الاستجابة للتحديات الملحة التي تواجه البشرية، وهو قائم على تبني أساليب مبتكرة تعتمد على الذكاء الاصطناعي والتقنيات المتقدمة في بناء المجتمعات الإدراكية الصديقة للإنسان، وتضع رخاء المجتمع وحفظ الطبيعة وتحقيق الاستدامة كأولويات أساسية في تصميمها بما يتماشى مع ركائز وأهداف نيوم.

المدن المبتكرة
لقد عرف الاتحاد الدولي للاتصالات المدن الذكية بأنها مدن مبتكرة توظف تكنولوجيا المعلومات والاتصالات لتحسين نوعية الحياة، وكفاءة العمليات والخدمات الحضرية، والقدرة على المنافسة. وينبغي أن تلبي احتياجات الأجيال الحالية والمقبلة فيما يتعلق بالجوانب الاقتصادية والاجتماعية والبيئية والثقافية وذلك من خلال الطاقة الذكية، والمباني الذكية، والتنقل الذكي، والبنية التحتية الذكية، والتكنولوجيا الذكية، والرعاية الصحية الذكية والمواطن الذكي. وهذا يشمل الحوكمة الذكية: للخدمات العامة والشفافية، الاقتصاد الذكي: لتشجيع الابتكار والريادة والإنتاجية، الحركة الذكية: لتوفير البنية التحتية الذكية للنقل العام والاتصالات، البيئة الذكية: وتعني الحماية من التلوث وإدارة الموارد الاقتصادية، الحياة الذكية: بكل ما تشمله من ثقافة وصحة وسكن وأمن.
من هنا ستُشكل مجتمعات “ذا لاين” الإدراكية التي ستضم أكثر من مليون شخص من جميع أنحاء العالم منصة للابتكار والأعمال التجارية المزدهرة لمواجهة بعض التحديات الأكثر إلحاحاً في العالم.

180 مليار ريال
وسيكون مشروع “ذا لاين” أساساً متيناً لبناء اقتصاد المعرفة لاحتضان الكفاءات، والعقول العلمية، والمهارات من مختلف المجالات لخدمة البشرية، كما سيُسهم في إضافة 180 مليار ريال إلى الناتج المحلي الإجمالي وسيوفر 380 ألف فرصة عمل بحلول عام 2030م.

ويقع مشروع “ذا لاين” في نيوم شمال غرب المملكة، عند طرف خليج العقبة على البحر الأحمر، وتبرز أهمية موقعه في كونه على مفترق طرق العالم في شمال غرب المملكة، مما يدعم موقع نيوم بأن تكون مركزاً عالمياً للابتكار، حيث يستطيع 40 % من سكان العالم الوصول إليها في أقل من 4 ساعات، كما أن قرابة 13% من حركة التجارة العالمية تمر عبر البحر الأحمر.
ويعتمد مشروع “ذا لاين” على بنية تحتية ذكية ومتناغمة مع البيئة المحيطة، إذ تعمل بشكل كامل على مختلف أنواع الطاقة المتجددة، مما يخلق بيئة صحية خالية من التلوث والضجيج، مع إتاحة الوصول إلى البيئة المحيطة خلال 5 دقائق سيراً على الأقدام من أي مكان في المشروع.

مجتمعات منسجمة مع الطبيعة
ومن أبرز مفاهيم المشاريع : مجتمعات صُممت حول الإنسان وراحته، وليس المركبات، يمكن التنقل فيها بكل بسهولة بسبب تصميمها المخصص للتحفيز على المشي، وخلق آفاق جديدة للجمال والطمأنينة- بنية تحتية للخدمات ستشمل المواصلات الفائقة السرعة، وخدمات الشحن، والطاقة، والمياه، والخدمات الصحية، وتقنية المعلومات، وغيرها، بحيث تكون مدمجة بطريقة توفر مساحات للمشي، وتحدُّ من الضوضاء، والازدحام، والتلوث- ستُبنى المجتمعات الإدراكية فوق البنية التحتية التي تتخذ شكل عمود فقري، وتوفر إمكانية التنقل بسرعة وسهولة إلى مجتمعات “ذا لاين”، بالإضافة إلى سهولة وسرعة الوصول إلى الطبيعة- أحياء سكنية متعددة الاستخدامات، تُسهّل وصول السكان لجميع المرافق التي تلبي احتياجاتهم اليومية ضمن مسافة مشي قصيرة- مجتمعات إدراكية تعيش في انسجام مع الطبيعة، حيث تجتمع فيها المتنزهات، والحدائق، والبيئة، والإنتاج الغذائي المستدام.

وستكون جميع الأعمال والمجتمعات متصلة بشكل متسق من خلال إطار رقمي يتضمن الذكاء الاصطناعي والروبوتات والذي بدوره يُهَيِّئُ منصة للذكاء الجماعي تتيح التعلم والنمو بشكل مستمر – ويعمل هذا النظام الذكي على استخدام وتحليل 90 % من البيانات التي تُجمَع، مما يوفر أنظمة قابلة للتوقّع وليس التفاعل فقط.

ويعمل أكثر من 450 موظفاً من المقر الجديد لشركة نيوم، الذي يبعد مسافة 35 كيلومتراً عن مطار خليج نيوم, وسيتزايد عدد الموظفين بنهاية العام الجاري ليصل إلى 700 موظف، مع جاهزية المنطقة السكنية المشيدة خصيصاً لهم.

ثورة عصرية

ويهدف تصميم المدينة الذكية الجديدة، والتي ستشكل ثورة حضرية، إلى جعل المشي نمطاً أساسياً للحياة، كما سيسهم التطوير الكامل متعدد الاستخدامات في إمكانية الوصول بكل سهولة إلى المرافق والحدائق العامة، وكذلك الطبيعة المحيطة بالمجتمعات. ويُعد هذا التصميم الفريد أنموذجاً في تصميم المجتمعات الإدراكية، إذ يعيد الطابع البشري إلى الحياة الحضرية، ويُمكّن العيش في وئام مع الطبيعة في القرن الحادي والعشرين وما بعده.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *