اجتماعية مقالات الكتاب

إيقاف طبيب التجميل

عندما يذهب المريض عند طبيبه ويبوح بأسرار مرضه فإنه يعلم أن معالجه شخص مؤتمن قد أقسم على عدم افشاء أو البوح بأسرار المرضى وحفظ خصوصياتهم وبياناتهم وتقديم العلاج لهم بكل أريحية وإخلاص وأمانة، فالمحافظة على أسرار المريض وعلى خصوصيته حق للمريض وواجب على الطبيب في أي مكان وزمان.

والقرار الحكيم الذي اتخذه وزير الصحة الدكتور توفيق الربيعة – وفق بيان وزارة الصحة- بإيقاف طبيب عن ممارسة المهنة، بعد أن قام بتصوير مناطق حساسة لمرضى بعد إجراء عمليات التجميل لهم، ونشرها بشكل خادش للحياء على منصات التواصل الاجتماعي، مخالفاً أخلاقيات مزاولة المهنة والأنظمة المرعية هو قرار رادع يهدف لوقف مثل هذه الممارسات الخاطئة وضمان عدم تكرارها ، فالمريض والطبيب يتمتعان بحقوق يمنحها لهم القانون ، فالمسعى الأول والأخير في هذا الجانب هو احترام هذه الحقوق من الطرفين.

وقديما كانوا يلقبون الطبيب بالحكيم، وذلك لأنهم كانوا يعرفون تماما أن معنى الحكمة أوسع وأشمل، فإذا كان الطبيب هو من يعالج الأمراض فإن الحكيم يعالج النفوس ويطبب القلوب، فالحكمة تشمل المعرفة والفهم وأخلاقيات العمل الطبي، وكل الذوقيات الراقية التي يتحلى بها البشر خاصة من تفرض عليهم ظروف عملهم الاحتكاك بالآخرين في أوقات عصيبة, هي أوقات المرض.
والطب مهنة تحمل جميع المعاني الإنسانية السامية، مما يحتم على الطبيب التصرف على قدر المسؤولية التي يتطلبها علاج الناس وإنقاذ أبدانهم من الألم والمرض، لأنه قبل كل شيء صاحب رسالة لا ممارس حرفة، ومداو للبشر لا مصلح للحجر.

والواقع أن هناك الكثير من المفاهيم الخاطئة والممارسات التي يتبعها بعض الأطباء – مع موجة الإنترنت – من أجل الحصول على الشهرة واللايكات والقلوب من خلال تسخير حساباتهم في منصات التواصل الإجتماعي ، ونشر عملياتهم الجراحية أو إنجازاتهم سواء بمعرفة وإذن المريض أو بدونه ، وفي ذلك تجاوز وعدم احترام لحقوق المريض أو صون أسراره.
لا شك أن أخلاقيات المهنة الطبية ترتكز على العديد من القوانين والأنظمة والمعايير التي تؤطر حقوق وواجبات وأخلاقيات التعامل فيما بين المريض والطبيب، مما يتوجب معها وعي ومعرفة كل الأطراف بهذه الحقوق وتطبيقها والالتزام التام بها.

وتبرز اليوم – مع قصة طبيب التجميل الموقوف- أهمية تفعيل نشر هذه الحقوق وهذه الثقافة والتعريف بها داخل المؤسسات الصحية والسعي للارتقاء بها وزيادة ثقة المريض بالمنشأة وبالطبيب المعالج لا سيما في ظل التطورات والممارسات والتداخلات في بعض جوانب المهنة والتي قد تتسبب في غموض او عدم الايفاء بهذه الحقوق.

واخيراً .. فإن مفهوم حقوق المريض واهم عناصرها يستند إلى قواعد أساسية أهمها الاحتفاظ بمعلومات المريض بشكل سري، أيضا اطلاع المريض على حالته المرضية ومشاركته الرأي في القرارات ذات التأثير النفسي والجسدي عليه، وتوضيح كل الجوانب التابعة لذلك من ايجابيات وسلبيات، ورغم وجود وعي وفهم لدى المرضى ومن يرافقهم ولكن يحتاج الأمر أيضا إلى توعية اكثر للوصول إلى المستوى المطلوب لرفع مستوى الوعي الأخلاقي الطبي.
وسلامة صحتكم
‏shahm303@hotmail.com

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *