اجتماعية مقالات الكتاب

من حكايات الكرسي الدوار

• مدخل: تعارف الناس قديماً وحديثاً على أن مفهوم الكرسي الدوار هو ما كان مرتبطاً بالمسؤول والمسؤولية، والحكايات التي تروى عنه، ناتجة عن التصرفات التي يديرها المسؤول من خلاله، حسنة كانت أم سيئة، وقلة من وفقوا ليكونوا أهلاً لتمثيل هذه الكراسي، على مر العصور، وما ارتبط بها من مسؤوليات (نجاحاً وتوجيهاً وحسن إدارة).

• الحكاية: يقول الراوي (كنت وأحد أصدقائي في فترة من الفترات ممن يُمثلُ كرسي المسؤولية، ومن خلالها كانت الصحبة وتبادل التواصل، كنا لا نكاد نفترق، نتبادل الشفاعات والزيارات، وخاصة ما كان منها في مجال العمل!

• وكنت أكبر عمراً وأقدم خدمة منه، لذا فقد عاجلني التقاعد قبله، ولم أغضب أو أحزن على فراق (كرسي الدوار) فلكل شيء نهاية والبقاء لخالق الأرض ومن عليها!
• هنأني صديقي بالحياة الجديدة، وأوصاني أن أستمتع بما فيها من مفاجآت حلوة لمن يحسن التعامل معها !
• ومرت الأيام وكم في مرورها من عبر ودروس، وقل التواصل بيني وبينه، ربما بحكم انشغاله بالمسؤولية، وتفرغي بأمور حياتي الجديدة (التقاعد) ولا نكاد نلتقي إلا في المناسبات.

• وتأكيداً لعرى الصداقة والزمالة بيني وبينه في ماضي الأيام، فقد رأيت أن أزوره في مكتبه، وفعلاً ذهبت إليه، فقابلني مدير مكتبه هاشاً باشاً لمعرفته بصلتي ومكانتي لدى مديره، وأسرع يخبره بوصولي، لكنه عاد إليَّ وعلى محياه ما يوحي بعكس ما كان يتوقعه “قل له ينتظر فترة دخول المراجعين؟”.

• قلت في نفسي سبحان من يغير ولا يتغير، كنت إذا زرته يدخلني من أوسع الأبواب ويقابلني مهما تكن لديه من مهام أو اجتماعات دون تحفظ، ولم استغرب منه هذا الموقف، فبعض دول العالم الثالث بمجرد إحالة الموظف للتقاعد مسؤولاً كان أم موظفاً عادياً، يطويه النسيان وتدفن معه (إنجازاته وأعماله وحتى ذكراه) وعدت دون مقابلته على أمل أن أراه معنا (نحن المتقاعدين) في صالة بنك المتقاعدين، في قادم الأيام، حيث لا كرسي دوار ولا مسؤولية، فالكل حينها سواسية لا فرق بين هذا وذاك فالكل متقاعد.

• خاتمة: من تجاربي الوظيفية العادية منها والمسؤولية، أن كثيراً ممن يمثلون كراسي المسؤولية أو يتعاملون مع بعضهم البعض، هو بدافع المصالح الشخصية والمنافع الحياتية فقط فإذا ذهب من على تلك الكراسي لأي سبب من الأسباب، ذهبت كل تلك المظاهر الخادعة، والحفاوات المصطنعة أدراج الرياح، وظهر من يتصفون بها على حقيقتهم؟ فهنيئاً لمن كان أهلاً لكرسي المسؤولية وأحسن استخدامه وحقق رسالته السامية ومراميه الهادفة في خدمة المجتمع والناس وعطّر مسيرة حياته الوظيفية بأعمال الخير والنبل والخلق والذكر الحسن.

• وقديماً قال الشاعر:
دقـــــات قلـــــــب المرء قائلة له إن الحياة دقائق وثــــــــــوانِ
فأرفع لنفسك بعد موتك ذكرها فالذكر للإنسان عمر ثـــانِ
وبالله التوفيق،،
Ali.kodran7007@gmail.com

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *