المحليات

حماية المطلقات وأبنائهن بحق النفقة

تحقيق – ياسر بن يوسف

يعتقد البعض أن الطلاق نهاية لمرحلة من الخلافات وخلاص من أزمات زوجية مريرة ، ولكن على أرض الواقع ومن خلال سجل القضايا في المحاكم وقصص الطلاق التي لا تنتهي، تبدو الحقيقة واضحة بأن أبغض الحلال بداية لرحلة جديدة لا تخلو من المشقة وتهرب بعض الآباء من الالتزام بالنفقة، فيما تكون المطلقة أحوجَ ما تكون لنفقة تسد احتياجاتها وأبنائِها، لكن قسوة قلوب بعض الآباء تُحول دون هذه النفقة الإلزامية وفق الشرع والقانون، وتتحول إلى سلاحٍ يُذيق به الرجل مطلقته مرارة الطلب لحقوقها ومحضونيها، والضحية في نهاية المطاف هم الأولاد. “البلاد” ناقشت القضية مع عدد من المختصين والمطلقات، وأهمية التشريعات العدلية الجديدة وجهود وزارة العدل وإجراءاتها التي رفعت المعاناة عن المطلقات وحسمت مماطلات النفقة وضمان الحقوق للجميع.

في البداية قالت المستشارة القانونية المحكمة والمدربة المعتمدة نجود عبدالله قاسم أهنئ المرأة في المملكة العربية السعودية على الانجازات والخطوات الحثيثة المصاحبة لرؤية 2030 بتوجيه من ولي الأمر الملك سلمان بن عبد العزيز وولي عهده سمو الامير محمد بن سلمان ، والشكر موصول لوزارة العدل ووزير العدل رئيس المجلس الأعلى للقضاء الشيخ الدكتور وليد محمد الصمعاني على الجهود المبذولة من خلال القرارات والتطورات المطروحة للسعي الدؤوب بالرقي بالخدمات القضائية والعدلية للتسهيل على المستفيدات والمستفيدين من الخدمات العدلية.

حقوق كاملة للمرأة
وتضيف : لقد استفادت المرأة السعودية من القرارات والضوابط القضائية ، ومنها امكانية اثبات حضانة الأم لأبنائها في حالة رضا الوالدين واعتبار قضايا الحضانة والرؤية والنفقة قضايا (مستعجلة) بالإضافة لوضع عواقب وخيمة لمن يمنع زيارة الأبناء للطرف الاخر من الوالدين وضمان سرعة التنفيذ والخدمات الالكترونية المقدمة لتسهيل استكمال وتنفيذ الأحكام.

ليس هذا فقط بل في الدائرة الأوسع لحياة المرأة بتمكينها من الاعتماد على نفسها واثبات جدارتها في العمل.
بالإضافة ذلك تسهيل وتذليل الصعاب بمنحها حق القيادة والحصول على رخصة نظامية، ومعاونتها بمبادرات من وزارة العمل والتنمية الاجتماعية في توفير حضانة للأطفال وفق الشروط المعتمدة ، بالإضافة إلى التعديلات الأخيرة في نظام العمل وتمديد سن التقاعد وحماية المرأة أثناء الحمل والوضع من الفصل إلى غيرها من التعديلات لصالح المرأة العاملة وكذلك ما جاء في نظام الأحوال المدنية ونظام وثائق السفر بما يثلج صدور النساء ويحقق مطالباتهن في الاستقلالية بانفسهن وبأطفالهن واعتبارهن ربات أسر مثلهن مثل الأباء تماما وحق المرأة في السفر واستخراج جواز السفر الخاص بها بنفسها والسماح للأم بالسفر بمحضونها لهو بحق مما تفخر به المرأة السعودية وتستقر حياة الأسرة في كل الأحوال.

إن جميع هذه الجهود الحثيثة لتحقيق مصلحة الوطن والأسرة والمرأة ، تجعلنا نطمح بالمزيد لحل مشكلة أكيدة ومتكررة باستمرار في محكمة الأحوال الشخصية ألا وهي تهرب بعض الآباء من مسؤلياتهم وعذابات أمهات وأبناء في المطالبة بالنفقة سواء السابقة أو المستقبلية بالذات بعد الانفصال عن الأزواج والجهد والوقت المبذول للمطالبة بحقوق ابنائهن وتذرع الأباء بشتى الحجج للتهرب من النفقة على ابنائهم مما يتسبب في مشاكل اسرية وأخلاقية واجتماعية كبيرة للأبناء خاصة في المستقبل.

تناقضات مكشوفة
وتتناول المستشارة القانونية نجود جانبا آخر من تناقضات بعض المطلقين قائلة: بعض الآباء يتذرعون بالديون والالتزامات التي تمنعه من أداء النفقة مما يثير التساؤل عن كيفية قيامه بواجباته تجاه مطلقته وأبنائه بعد الانفصال؟

نحن أمام تناقضات من بعض الرجال المطلقين ،فإذا كان من حق الأب الزواج من أخرى جديدة وتجهيز منزل زوجية جديد وانجاب الأبناء والصرف عليهم بأتم وجه ، أليس من الظلم أن يكون ذلك على حساب أبنائه من الزوجة الأولى ، وعند مطالبته يتذرع بالالتزامات الجديدة !!

حقيقة يجب مراعاة الظروف قبل الاقدام على أية خطوة ، وهذا هو المطلوب بأن يكون هناك الزام لا يستطيع الأب أن يتنصل عنه بأية طريقة كانت في حال الانفصال أو الطلاق ، بأن يثبت اسلوب المعيشة السابق للأبناء ومصروفات دراستهم ووضعهم الصحي ومسكنهم وملبسهم ومأكلهم ومعيشتهم وجميع المصروفات المترتبة على الأب قبل الطلاق والانفصال والوصول لحل مرضي لصالح الأبناء ولجميع جوانب حياتهم لعدم الاخلال بهذا الاستقرار الأسري والمادي، وبالتالي استخدام كافة الطرق لإجبار وإلزام الأب على الالتزام ويكون بصك رسمي وبدون الحاجة لطلب الأم أو الأبناء بل يكون اجراء رسمي وروتيني مع اثبات أي انفصال أو طلاق.

إن العمل على حل مشاكل الأسرة وتأمين وضعها الاجتماعي والنفسي هو الوسيلة الفعالة والصحيحة للحد من حالات الطلاق، وكذلك الحد من انتشار حالات العنف بين الشباب والشابات والأطفال المترتبة على القهر والألم النفسي للأبناء.

تهديد بالحضانة
وقالت طالبة القانون ولاء طلال خليل من خلال التدريب وحضور بعض الجلسات والاطلاع على قضايا الحضانة والنفقة بمحكمة الأحوال الشخصية لاحظت كوني طالبة بقسم القانون سنة تخرج ان شالله وأقترح انه يجب وضع معالم واضحة لنفقة الاب على ابنائه وعدم السماح بامكانية التهرب من واجب اوجبه الله عليه كونه ولي الامر، ولكن تهديد الاب للام بأطفالها بانه في حال طالبت بنفقته عليهم فانه سوف ياخذ اولادها فيجب وضع حد قانوني لذلك لأنه حتى ولو كانت غنية فإن النفقة ليست واجبة عليها عكس الاب ،وأقترح وضع عقوبة تعزيرية للاب الذي يتهرب من النفقة على أولاده ويحاول بشتى الطرق اثبات عدم قدرته المالية واثبات جميع ذلك في المحكمة من بداية الانفصال لحفظ حق الأبناء.

إلزام الأب بالنفقة
ويشاركنا بالرأي المستشار القانوني ماجد الأحمري قائلا: يجب على الآباء عدم التهاون عن دفع نفقات أبنائهم لما فيه من أضرار نفسية واجتماعية “كارثية” على المجتمع، والبعض من الآباء يتجاهل حق أولاده في النفقة بعد الطلاق بالرغم من وجود حكم قضائي وقد يستغل الفترة التي قد تطول في الجلسات القضائية لحين صدور الحكم بالتهرب في حق أبنائه وامتناعه عن دفع النفقة الواجبة والمقدرة شرعاً، فهذا التصرف يعد من صور العنف الموجه للأطفال، فلا بد من تشدد الجهات المعنية اجراءاتها مع كل متهاون ومتلاعب عن دفع النفقة في حق الأبناء قبل وبعد صدور الحكم القضائي.

تجارب مريرة
ولكن ماذا عن شواهد معاناة المطلقات وتجاربهن السلبية ؟
تقول أم سحر مطلقة تعمل وتنفق على أبنائها أن والدهم لديه راتب جيد وكان ينفق على الأبناء بأحسن ما يكون ويدرسون في مدارس خاصة وبعد الطلاق رفض دراستهم في نفس المدارس ولا ينفق عليهم إلا القليل ويتذرع انه مديون رغم أنه متزوج من أخرى ويسافر معها أكثر من مرة على الخارج وينفق على أبناءه منها أفضل نفقة.

حالة أخرى وترويها “أم عبد الله” التي قالت: تطلقت من والد طفلي الوحيد منذ أربعة عشر سنة دون أن يلتزم بحقوقنا ، وأنا من أتحمل مصاريف الحياة وإذا حاولت اقامة دعوى على مطلقي يهددني بسحب حضانة ابني مني رغم أن ابني متأثر نفسيا كونه يعلم أن والده لا ينفق عليه وأنه ليس مثل باقي الأولاد.

العدالة الناجزة
مؤخرا حددت وزارة العدل ضمن لوائحها التنفيذية آليات حازمة للحد من حالات المماطلة ، حيث ألزمت دوائر ومحاكم التنفيذ في عموم السعودية 10 آلاف و937 أباً ممتنعاً عن دفع النفقة المتوجبة عليه بدفع ما مجموعه أكثر من 122 مليون ريال “نفقة أبناء” خلال العام الهجري المنصرم 1440 هـ. وكانت جميع هذه الطلبات تستند على أحكام قضائية متعلقة بقضايا النفقة.

وتوعدت هذه الدوائر المماطلين بإجراءات صارمة تكفل حقوق المحضونين، وبحسب “منصة ذكاء الأعمال” في وزارة العدل السعودية، تصدرت مكة المكرمة قائمة الطلبات المقدمة إلى محاكم ودوائر التنفيذ المتعلقة بأحكام النفقة بـ3893 طلباً بقيمة 40 مليون ريال، تليها الرياض بـ2664 طلبا بقيمة 39.6 مليون ريال.

فيما استقبلت محاكم ودوائر التنفيذ في منطقة نجران 30 طلباً بقيمة 146 ألف ريال، مسجّلةً أقل الطلبات في المناطق خلال نفس الفترة.

يذكر أن وزير العدل ورئيس المجلس الأعلى للقضاء وليد الصمعاني كان قد وجّه المحاكم بمعاملة الممتنعين عن دفع نفقة الأطفال المقررة شرعاً كالمعنِّفين لهم في العقوبات، وفقاً لنظام حماية الطفل ، واتخذت الوزارة والمجلس الأعلى للقضاء جملة من القرارات والتعديلات والإجراءات التي تدعم الأم الحاضنة، والهادفة في أساسها لحماية الأسر من التشتت بعد الانفصال، إضافةً إلى تسهيل وتسريع الإجراءات التي قد تتسبب في تعطيل مصالح الأبناء والأمهات الحاضنات. كما حددت وزارة العدل ضمن لوائحها التنفيذية آليات حازمة للحد من حالات المماطلة أو الامتناع عن تنفيذ الأحكام الصادرة عن محاكمها، لا سيما في ما يتعلق بالنفقة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *